الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد أحسن أبوك فيما ذكرته عنه من إنفاق المال في الهدايا وإعداد الولائم لأقاربه، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: تهادوا تحابوا. أخرجه البخاري في الأدب المفرد.
كما أنه على صواب أيضا في قوله: إن علاقته مع أقاربه هامة جدا...
ومع كل هذا فإنه لا يجوز للمرء الإفراط في الهدايا والولائم بالقدر الذي يؤدي به إلى العجز عن النفقات الواجبة عليه، ففي الحديث الشريف: كفى بالمرء إثما أن يضيع من يعول. رواه أحمد.
وفي حديث آخر: وابدأ بمن تعول... رواه أحمد والنسائي.
هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإن جمهور أهل العلم على أنه ليس للأب من مال ولده إلا بقدر حاجته، واستدلوا بعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم: لا يحل مال امرئ مسلم إلا عن طيب نفسه. رواه الدارقطني.
وذهب الحنابلة إلى أن للأب حقا في مال ولده مع حاجته ومع عدمها، بشرط أن لا يجحف بالابن ولا يضر به. واستدلوا بأدلة منها ما روت عائشة رضي الله عنها, قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن أطيب ما أكلتم من كسبكم, وإن أولادكم من كسبكم. أخرجه سعيد, والترمذي, وقال: حديث حسن. وروى عمرو بن شعيب, عن أبيه, عن جده, قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إن أبي اجتاح مالي. فقال: أنت ومالك لأبيك. رواه الطبراني.
وبناء على ما ذكر، نقترح عليك أن تنصح أباك -برفق ولين- بالاقتصاد في إنفاق المال، وأن تريه ما بيناه في هذه الفتوى، وإذا استمر على سيرته في صرف المال، فلا تبخل عليه بما يطلبه منك ما لم يكن ذلك مضرا أو مجحفا بك؛ فإن في رضاه الجنة.
والله أعلم.