الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فنسأل الله تعالى أن يعينك ويشفي أمك ويصلح زوجتك، وقد أحسنت فيما ذكرته من السعي في إرضاء زوجتك، لأن الأصل في الحياة الزوجية أن تقوم على التفاهم بأداء كل من الزوجين ما عليه من الحقوق للآخر، وعدم الحرص على الاستقصاء في كل مسألة من الواجبات، ليتحقق استقرار الأسرة واستمرارها، ومن المعلوم أن للمرأة الحق في سكن مستقل عن أقارب الزوج وغيرهم لئلا يطلعوا على ما لا تحب أن يطلعوا عليه، والسكن الذي ذكرت أنها فيه الآن يعتبر سكناً مستقلاً.
وما دمت قد وفرت لزوجتك سكناً في مكان لا يترتب على سكناها فيه ضرر فقد أديت ما عليك في جانب السكن، وبالتالي فلا يلزمك أن تنتقل إلى مكان آخر، وليس من حق زوجتك أن تبعدك عن أمك، وخصوصاً إذا كانت الأم في الحالة التي ذكرت، فإن بر أمك والإحسان إليها من الواجب المحتم عليك، قال تعالى: إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا* وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا {الإسراء:23-24}.
وفي الحديث الشريف: رغم أنف ثم رغم أنف ثم رغم أنف، قيل: من يا رسول الله؟ قال: من أدرك أبويه عند الكبر أحدهما أو كليهما فلم يدخل الجنة. رواه مسلم. ولتعلم زوجتك أن الله تعالى قد أوجب عليها طاعتك في المعروف، فقد قال صلى الله عليه وسلم: لو كنت آمراً أحداً أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها. رواه الإمام أحمد والترمذي عن أبي هريرة.
ولتعلم أيضاً أنها مخطئة بطلب الطلاق إذا لم يكن لها مبرر شرعي لذلك، فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: أيما امرأة سألت زوجها طلاقا من غير بأس فحرام عليها رائحة الجنة. رواه أصحاب السنن وقال الترمذي حديث حسن.
وإذا استمرت الزوجة في الامتناع عن السكن القريب من أهلك فإنها بذلك تعتبر ناشزاً، وانظر أحكام النشوز في الفتوى رقم: 1103.
وإياك ثم إياك أن تحملك مجاراة زوجتك فيما تهواه على أن تفرط في بر أمك والعناية بها والقرب منها وهي في السن التي هي فيها ووضعها الصحي على ما ذكرت.
واعلم أن الله جل وعلا يقول: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَّكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ {التغابن:14}، فالسعي في بعدك عن أمك وهي على ما هي عليه منزلق خطير جداً فتنبه لذلك.
والله أعلم.