الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن المسلم يتعين عليه إنصاف العلماء وحمل كلامهم على أحسن محمل مادام ذلك ممكنا. واعلم أن بعض أهل العلم ذكروا أن الأحسن التعبير عن الله تعالى بأنه حق بدلا من التعبير عنه بأنه موجود، وذلك لأن وصفه بأنه حق ثبت في نصوص الوحي مثل قوله تعالى: ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ {الحج: 6} وأما كلمة موجود فلم تأت في نصوص الوحي. فموجود ليست من أسمائه ولكنه يمكن الإخبار عنه بها كما قال شيخ الإسلام، ولا يمنع ذلك كون الصيغة الصرفية للكلمة اسم مفعول، فإنا نصفه بأنه معبود ومدعو لأن العباد يدعونه ويعبدونه ويخشونه ويرجونه ويسألونه فهذا لا محظور فيه، والله أخبر في عدة آيات عن وجود العباد إياه منها قوله: وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُوراً رَحِيماً {النساء:110} وقوله: لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّاباً رَحِيماً {النساء: 64} وقوله: وَوَجَدَ اللَّهَ عِنْدَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ {النور: 39}.
وأما كلام الشيخ ابن عثيمين فهو من هذا الباب فالإيمان بوجوده لا يكفي في الإيمان إذ ليس فيه توحيد لله بألوهيته وربوبيته وأسمائه وصفاته. راجع كلام ابن القيم في مدارج السالكين عن مرتبة الوجود.
ومما ذكرناه تعلم أنه لا تسوغ نسبة الزلل في هذه المسألة لهؤلاء العلماء المحققين رحمهم الله.
والله أعلم.