الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فحمل آمنة بنت وهب بالنبي صلى الله عليه وسلم لم يكن فيه أمر لافت سوى أنه كان حملاً خفيفاً، جاء في الطبقات الكبرى لابن سعد: قال أخبرنا محمد بن عمر بن واقد الأسلمي قال حدثني علي بن يزيد عن عبد الله بن وهب بن زمعة عن أبيه عن عمته قالت: كنا نسمع أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما حملت به آمنة بنت وهب كانت تقول: ما شعرت أني حملت به ولا وجدت له ثقلة كما تجد النساء، إلا أني قد أنكرت رفع حيضي وربما كانت ترفعني وتعود. وأتاني آت وأنا بين النائم واليقظان فقال هل شعرت أنك حملت فكأني أقول ما أدري، فقال: إنك قد حملت بسيد هذه الأمة ونبيها وذلك يوم الإثنين، قالت: فكان مما يقن عندي الحمل. ثم أمهلني حتى إذا دنا ولادتي أتاني ذلك الآتي فقال: قولي أعيذه بالواحد الصمد من شر كل حاسد. قالت: فكنت أقول ذلك فذكرت ذلك لنسائي فقلن لي تعلقي حديداً في عضديك وفي عنقك، قالت: ففعلت: قالت: فلم يكن ترك علي إلا أياماً فأجده قد قطع، فكنت لا أتعلقه، قال وأخبرنا محمد بن عمر بن واقد قال: حدثني محمد بن عبد الله عن الزهري قال: قالت آمنة: لقد علقت به فما وجدت له مشقة حتى وضعته. انتهى.
ولو كانت فترة حمله غير طبيعية لنقلت إلينا كما نقلت أخبار حمله وولادته وغيرها من أموره، وأما ما ذكرته من أن جعفر بن أبي طالب كان أكبر من النبي صلى الله عليه وسلم بالرغم من زواج عبد الله وأبي طالب في ليلة واحدة، فهو غلط ولعلك تقصد ما ذكره ابن سعد في الطبقات الكبرى من: أن آمنة بنت وهب.. (كانت) في حجر عمها وهيب بن عبد مناف بن زهرة فمشى إليه عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بابنه عبد الله بن عبد المطلب أبي رسول الله صلى الله عليه وسلم فخطب عليه آمنة بنت وهب فزوجها عبد الله بن عبد المطلب وخطب إليه عبد المطلب بن هاشم في مجلسه ذلك ابنته هالة بنت وهيب على نفسه فزوجه إياها فكان تزوج عبد المطلب بن هاشم وتزوج عبد الله بن عبد المطلب في مجلس واحد.. انتهى.
والاحتجاج بتقدم سن حمزة على سن رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنه قد عارضته روايات أخرى تفيد معاصرة حمزة للنبي صلى الله عليه وسلم ورضاعتهما معاً في ثويبة بلبن ابنها مسروح، ويدل لذلك ما أخرجه البخاري ومسلم في صحيحيهما من أنه: قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم أين أنت يا رسول الله من ابنة حمزة أو قيل ألا تخطب بنت حمزة بن عبد المطلب قال إن حمزة أخي من الرضاعة.
والله أعلم.