تهافت القول بأن الحجاب خاص بنساء النبي

3-12-2007 | إسلام ويب

السؤال:
كيف نرد على من يجوزون الاختلاط ويحتجون بما يلي:
الاختلاط المحرم الاختلاط بين الرجال والنساء هو التماس، أو التقارب جدا بحيث يحس الإنسان بشهوة، أما مجرد أن يكونوا تحت سقف واحد مثلا أو مكان في الجامعات هذا ليس اختلاطا، الاختلاط هو أن يقع التقارب، باعدوا بين أنفاس الرجال وأنفاس النساء، الشيء الذي تحصل به الشهوة من القرب أو المس، هذا هو المنهي عنه، والله سبحانه وتعالى ذكر في سورة النور حدين أحدهما هو أشد شيء في المخالطة والآخر هو أخف شيء في المخالطة وحرمهما، فدل ذلك على تحريم ما بينهما، فقال تعالى: {قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون} فأخف شيء في المخالطة هو مخالطة البصر وقد حرم، وأشد شيء فيها مخالطة الفروج وقد حرمت، فدل ذلك على أن ما بينهما من المصافحة والمس والاقتراب الذي تحصل به الشهوة، كل ذلك محرم، وهذا من باب قياس الأولى، أو من باب مفهوم الموافقة. هذا الحجاب الذي في سورة الأحزاب وهو المذكور في النصوص الشرعية، وهو المختص بأمهات المؤمنين، وهو ساتر يكون بينهن وبين الرجال، ليس المقصود به اللباس بل زيادة على اللباس، ساتر يكون بينهن وبين الرجال، هذا خاص بأمهات المؤمنين، يقول تعالى: {يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النبي إلا أن يؤذن لكم إلى طعام غير ناظرين إناه ولكن إذا دعيتم فادخلوا فإذا طعمتم فانتشروا ولا مستأنسين لحديث إن ذلكم كان يؤذي النبي فيستحيي منكم والله لا يستحيي من الحق وإذا سألتموهن متاعا فاسألوهن من وراء حجاب} ليس في القرآن ذكر للحجاب غير هذا، {فاسألوهن من وراء حجاب ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن وما كان لكم أن تؤذوا رسول الله ولا أن تنكحوا أزواجه من بعده أبدا إن ذلكم كان عند الله عظيما}، من الواضح جدا أن الآية مختصة بأمهات المؤمنين وأن الخطاب لهن، والعلة مذكورة مع ذلك، وما كان لكم أن تؤذوا رسول الله، ولا أن تنكحوا أزواجه من بعده أبدا.
هذه فيما يتعلق بمجرد التفكير في الزواج، يعني هذا صيانة للجناب النبوي صيانة كاملة، أما من سوى أمهات المؤمنين، من النساء الأجنبيات فيمكن أن يفكر الإنسان أنه يمكن أن يتزوجها، فلذلك يمكن أن يراها إذا كانت ساترة مستورة بلباسها، ولو ليس دونها حجاب، وليس دونها جدار وليس دونها ستر.
بالنسبة للتقارب إذا لم يكن فيه مس ولا تحريك شهوة فليس من الاختلاط، لكن إذا كان فيه مس أو اقتراب، مثل الكراسي المتجاورة جدا فهذا لا يجوز.ويستدلون أيضاً:بأن الاختلاط موجود بالحرم المكي ولو جاز في المسجد الحرام وفي العبادة فيجوز في غيره من باب أولى من باب دلالة الأولى.وكذلك المسجد على عهد النبي والصحابة لم يكن ثم حاجز يفصل بين الرجال والنساء ، بل اختلف الفقهاء إذا فصلت النساء عن الرجال بحاجز فلم يعدن يرين الإمام أو من ينوب عنه هل تصح صلاتهن أم لا.

الإجابــة:

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فصحيح أن اجتماع الرجال والنساء تحت سقف واحد ليس هو مناط التحريم، فقد كان الرجال والنساء يظلهم جميعا مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ففي البخاري ومسلم عن سهل بن سعد قال: كان رجال يصلون مع النبي صلى الله عليه وسلم عاقدي أزرهم على أعناقهم كهيئة الصبيان، ويقال للنساء: لا ترفعن رؤوسكن حتى يستوي الرجال جلوسا.

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: وإنما نهي النساء عن ذلك لئلا يلمحن عند رفع رؤوسهن من السجود شيئا من عورات الرجال. اهـ.

ولكن ادعاء أن قول الله تعالى: وإذا سألتموهن متاعا فاسألوهن من وراء حجاب. هو خاص بنساء النبي صلى الله عليه وسلم يعتبر رأيا مجانبا للصواب، وذلك لعدة أمور منها:

1.   أن الله تعالى إذا كان قد أوجب الحجاب على نساء النبي وهن الخيرات الطاهرات المبرآت اللواتي اختارهن الله أزواجا لنبيه صلى الله عليه وسلم في الدنيا والآخرة معللا ذلك بقوله: ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن، فما بالك بنساء هذا الزمان الذي كثر فيه أعوان الشيطان، وانتشر فيه الفسق وعم فيه الفجور واستبيحت فيه المحارم.

2.   أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب.

3.   أن الخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم يتناول جميع الأمة إلا لمخصص، قال صاحب مراقي السعود:

وما به قد خوطب النــبي   * تعميمه في المذهب السني

وإذا تقرر ذلك في حقه صلى الله عليه وسلم، وهو صاحب الخصوصية العظمى، فكيف تقصر الآية المذكورة على نساء النبي صلى الله عليه وسلم دون مخصص؟!

كما أن استدلاله بالاختلاط في الحرم على جواز الاختلاط في غيره من باب أولى هو أيضا أبعد ما يكون عن الصواب؛ لأن الاختلاط في الحرم المكي قد أوجبه وجود ذلك الكم الهائل من البشر في رقعة أرض ضيقة، لتأدية عبادة في وقت محدد. وهي عبادة يحف بها من المشقة والتكاليف ما لا يخفى على أحد، فكان الناس معذورين فيما يحصل فيها من غير قصد.

فيستنتج من هذا -إذاً- أن الاختلاط في الجامعات أو في غيرها على الوجه المعروف للاختلاط اليوم لا يصح أن يقول بجوازه مسلم، وأن القول به يعتبر منكرا من القول.

والله أعلم.

www.islamweb.net