الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فنسأل الله أن يفرج عنك الهم ويزيل عنك الكرب، واعلمي أن الحياة دار ابتلاء وينبغي للمسلم أن يصبر على الابتلاء، فإن عاقبة الصبر خير، والجزع لا يأتي بخير فات ولا يدفع شراً آتيا ، فنوصيك بالصبر وكثرة دعاء الله تعالى بأن يفرج عنك الهم، وعليك أن تستحضري أن هذه الدنيا فانية، وأن ما يقدر الله تعالى للمسلم فهو خير له، قال تعالى: وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّواْ شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ {البقرة:216}، وليس من شك في أن ما ذكرته من وحشة شديدة يعتبر مأساة كبيرة، ولكنه من الخطأ أن تقولي إن حياتك قد أصبحت بلا هدف، فهذا الكلام لا يليق بمسلمة تؤمل الثواب من الله، وترجو الدار الآخرة، فالهدف الكبير للمسلم والذي لا يحول دونه هدف هو الجنة.
والدنيا بحذافيرها لو كانت تزن عند الله جناح بعوضة ما سقى كافراً منها شربة ماء، كما ورد في الحديث الشريف، فهوني على نفسك وتوجهي إلى الله بصدق وإخلاص، وابحثي عن صديقات صالحات يساعدنك في تحمل المصيبة ويؤنسن وحشتك، وواظبي على الأدعية التي تزيل الكروب والهموم، ومنها ما ثبت من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما أصاب أحداً قط هم ولا حزن فقال: اللهم إني عبدك وابن عبدك وابن أمتك ناصيتي بيدك ماض في حكمك عدل في قضاؤك أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك أو علمته أحداً من خلقك أو أنزلته في كتابك أو استأثرت به في علم الغيب عندك أن تجعل القرآن ربيع قلبي ونور صدري وجلاء حزني وذهاب همي إلا أذهب الله همه وحزنه وأبدله مكانه فرجاً، قال: فقيل: يا رسول الله ألا نتعلمها، فقال: بلى ينبغي لمن سمعها أن يتعلمها. رواه أحمد وهو صحيح.
وأخرج أحمد وأبو داود عن نفيع بن الحارث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: دعوات المكروب: اللهم رحمتك أرجو فلا تكلني إلى نفسي طرفة عين، وأصلح لي شأني كله لا إله إلا أنت. وأخرج البخاري ومسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو عند الكرب يقول: لا إله إلا الله العظيم الحليم، لا إله إلا الله رب السموات والأرض ورب العرش العظيم. وأخرج أحمد وأبو داود وابن ماجه عن أسماء بنت عميس قالت: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا أعلمك كلمات تقولينهن عند الكرب، أو في الكرب: الله الله ربي لا أشرك به شيئاً.
والله أعلم.