الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد سبق لنا أن ذكرنا في عدة فتاوى أن مسألة إهداء ثواب القراءة للغير مسألة خلاف بين العلماء، بين مجيز وبين مانع، وأن من أجازها استدل بالأدلة الصحيحة الدالة على وصول ثواب الصدقة للغير والحج عن الغير ونحوها، وأنه لا فرق بين ثواب الصدقة وثواب القراءة من حيث أن كليهما لم يفعلهما الشخص المهدى إليه، فإذا جاز إهداء الصدقة إليه جاز غيرها كإهداء القراءة. وما ذكره الأخ السائل من قوله ( كيف يضمن...إلخ ) وكذا ما ذكره واستشهد به من حديث الثلاثة أصحاب الغار فالجواب عنه أن عدم معرفة قبول القراءة لا يمنع من إهدائها إليه إن قبلت، بدليل أن الصدقة أيضا لا نعلم أن الله سيتقبلها ومع ذلك شرع لنا التصدق عن الميت لقول النبي صلى الله عليه وسلم للرجل الذي أخبره أن أمه ماتت وأراد الصدقة عنها قال له: نعم تصدق عنها. والحديث في البخاري، وكذا ما ذكره الأخ السائل من أن المرء يوم القيامة يفر من أبيه...إلخ ليس فيه دليل أيضا على عدم وصول الثواب إلى المهدى إليه، وإهداء الثواب ليس تفريطا في الحسنات كما ذكر ولو كان تفريطا لقال النبي صلى الله عليه وسلم لذلك الرجل: تصدق عن نفسك لا عن أمك ولا تفرط في حسناتك ومالك مثلا، ولقال للرجل الذي سأله أن يحج عن أبيه: حج عن نفسك ولا تفرط في حسناتك مثلا، فلما لم يقل صلى الله عليه وسلم شيئا من ذلك علم أنه ليس في إهداء الثواب تفريطا في الحسنات بل قد يكون داخلا في نفع المسلمين، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم للرجل الراقي ... من استطاع منكم أن ينفع أخاه فليفعل... رواه مسلم.
وانظر للفائدة الفتوى رقم: 3406، والفتوى رقم: 79657.
والله أعلم.