الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فليس من شك في أن ما ذكرته من منع النقاب ... ومن انتشار رجال الشرطة في كل مكان ... ومن وجوب كشف المرأة رأسها في الجامعة ... ومن حرص أبويك على تحصيلك للشهادة الجامعية، وغير ذلك مما بينته وفصلته ....، نقول: إن هذا - بحق- يعتبر فتنة في الدين. والحجاب فريضة شرعية شرعها الله تعالى في كتابه وعلى لسان رسوله صلى الله عليه وسلم، وقد ذكرنا أدلة فرضيته في الفتوى رقم: 18119. والفتوى رقم: 29714. وهو عفة وطهارة، وبه يتحقق للمجتمع كثير من المصالح الدنيوية فضلا عن الأخروية. فمن ذلك صيانة المجتمع عن الجريمة، وتحقيق الاستقرار فيه، وهذا مقصد أساسي للقائمين على الدول، فلماذا تحارَب وسيلته، ويحرض المجتمع على ما يتحقق به عكس هذا المقصد فيحصل بذلك خسران الدنيا والآخرة؟
أيتها الأخت الكريمة، إن ما ذكرته من حال يجعل أجرك في التمسك بالنقاب يتضاعف أمام هذه المحن، فلا تضيعي هذه الفرصة، واعلمي أن طاعة الوالدين إنما تجب في المعروف، وأما إذا كانا يريدان من ابنتهما الوقوع في معصية الله فإن طاعتهما في ذلك لا تجوز، إذ لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، كما في الحديث الشريف. فاصمدي وتجنبي المشاركة في الامتحان إذا كان يشترط لها كشف الرأس، وردي على أبويك ردا جميلا، كأن تتمارضي إذا وجدت في ذلك ملجأ، وكأن تتعللي بأنك لم تراجعي جيدا، ولن تعدمي حجة تتخلصين بها من هذه الفتنة، والله تعالى معك، وقد قال جل من قائل: إِنَّ اللّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَواْ وَّالَّذِينَ هُم مُّحْسِنُونَ.{ النحل:128}. وإذا كان يمكن أن يسمح لك بالحجاب ونزع النقاب عند الدخول للامتحانات فلا بأس بخلع النقاب حينئذ تقاديا للمفاسد التي قد تترتب على ارتدائه في ذلك الوقت، ونزولا عند رغبة الوالدين ووفاء بما وعدتهما به، ومراعاة لمن يقول بعدم وجوب تغطية الوجه واليدين أمام الأجانب.
والله أعلم.