الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن السؤال فيه شيء من الغموض، ولكن نقول: إن الناس بحسب تقلب أحوالهم الدينية من التزام وانحراف تتغير حياتهم من سعادة إلى شقاء وبالعكس، فإنا نجد بني إسرائيل كانوا مكرمين في مصر، ولما حصل الانحراف تغيرت حالهم فاستعبدهم الأقباط وأذلوهم، فلما جاء موسى عليه السلام وتغيرت حالتهم الدينية نجاهم الله من فرعون، ومكن لهم في الأرض، فلما انحرفوا بعد ذلك سلط عليهم بختنصر وقومه.
ونجد العرب في الجاهلية كانوا مستضعفين متفرقين، فلما أسلموا غير الله حالهم، فأعزهم الله بالإسلام؛ كما قال عمر رضي الله عنه، ومكن لهم في الأرض، فلما انحرفوا غير الله ما بهم.
وبهذا نعلم أن صلاح الكون وفساده يتغير بحسب مستوى استقامة العباد وتمسكهم بالطاعة والدين. فإذا اتقى العباد ربهم أعزهم ونصرهم وفتح لهم أبواب البركات والخيرات ويسر أمورهم وعافاهم، وإذا انحرفوا عن أمره سلط عليهم من جنوده وأنواع ابتلاءاته ما شاء.
وراجع الفتاوى التالية أرقامها: 32754، 32949، 69967، 72037، 74500، 59621،63373.
وأما الهوية فإن كان يقصد بها ما اصطلح عليه عند بعض المعاصرين من كونها تعنى مجموعة الأوصاف والسلوكيات التي تميز الشخص عن غيره، فإن الهوية الإسلامية التي تميز المسلم هي الانتماء إلى الله ورسوله وإلى دين الإسلام وعقيدة التوحيد، فبها يعتز المسلم، وفيها يوالي، وفيها يعادي ويحب ويكره، وهي منهج المسلم الذي يتابع فيه سنن من تقدمه من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، ويسأل الله الهداية والثبات عليه في دعائه في الصلاة حيث يقول: اهدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ *صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ. { سورة الفاتحة7،6}
وأهمية هذه الهوية في حياة المسلم مثل أهمية الدين في حياته، وتنكر المسلم لها خطير على معتقده ودينه.
وأما إن قصد بالهوية مجرد الانتساب لبلد أوقوم، وما يتميزون به من عادة أو زي فإن هذا لا علاقة له بالدين، إلا أنه لا يجوز للمسلم أن ينفي نسبه، ولا أن يدعي نسبا غير نسبه الأصلي. ولو أن قومه أو أهل بلده تميزوا بشيء فوجد أفضل منه فلا حرج عليه في العدول عما كان عندهم إلى الأفضل.
والله تعالى أعلم.