الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن اشتراك شخصين في عمل هذا ببدنه وجهده وهذا بماله يعد مضاربة مشروعة، إذا التزم فيها الطرفان حدود الله تعالى، ومن ذلك أن يكون نصيب كل منهما من الربح معلوما مشاعا، كالثلث والربع والنصف ونحو ذلك،
ومن ضوابط المضاربة أن لا يضمن العامل - الشريك بجهده وعمله - رأس المال إلا في حالة التعدي والتفريط، وراجع تفصيل المضاربة في الفتوى رقم: 72823.
ولتعلم أن الشركة عموما والمضاربة خصوصا من العقود الجائزة غير اللازمة، ومعنى أنها غير لازمة أنه لكل واحد من الطرفين فسخ العقد في أي وقت رضي الآخر أم أبى، وهذا مذهب جمهور أهل العلم.
وذهب المالكية إلى أنه لا يحق للشريك فسخ الشركة إلا إذا تم العمل الذي تقبل، أو إلى أن ينض رأس مال الشركة أي يصير نقدا لا عروضا، مثل الأراضي والعقارات والسيارات ونحو ذلك.
وأما قول الأخ السائل: كيف أضمن حقوقي مستقبلا ... فالجواب أن حقوق المضارب في المضاربة يكون بظهور الربح فهذا حقه قلَّ أو أكثر. وأما خشيته من أن يستبدل صاحب رأس المال به آخر يعمل بالراتب فهذا من حق صاحب رأس المال، ولا يكون بذلك ظالما للعامل إذا وفاه نصيبه كاملا من الربح المتفق عليه.
هذا وننبه الأخ السائل إلى أمرين:
الأول: أنه يجوز أن يشترط في العقد تأقيت المضاربة بمدة كسنة أو أكثر على القول بصحة تأقيت عقد المضاربة، جاء في المغني: ويصح تأقيت المضاربة مثل أن يقول: ضاربتك على هذه الدراهم سنة...اهـ
الأمر الثاني: أنه يجوز له أن يدخل في عقد إجارة براتب محدد أو بنسبة من الربح أو بهما معا. وقد بينا في الفتوى رقم: 58979، جواز ذلك.
والله أعلم.