الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقبل الجواب عما سألت عنه، نريد أولا أن ننبهك إلى أن المصرف الذي قلت إن أخاك قد وضع المال فيه، إذا كان مصرفا ربويا فإن ذلك لا يجوز؛ لما فيه من التعاون مع أهل المصرف على الإثم الذي يرتكبونه، والله سبحانه وتعالى يقول: وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ {المائدة:2}، فالواجب أن تبادري في سحب ذلك المال من المصرف. وإذا كان قد ترتب على إيداعه فوائد فالواجب التخلص منها في بعض وجوه الخير، كأن تصرف على الفقراء والمحتاجين، أو أن تنفق في المصالح العامة للمسلمين.
وفيما يخص موضوع سؤالك، فما ذكرته من أنك في يوم من الأيام تحدث زوجك مع أخيك في الربح الذي يمكن أن يحققاه من المشروع، وأنك أنت اشترطت عليهما أن يضربا لك بسهم في المشروع إذا نجح، وأنهما قد استجابا لذلك... إنما يفيد أنهما قد تطوعا لك بسهم من المشروع؛ لأنك لم تذكري موجبا تستحقين به أن تشترطي مثل هذا الشرط، فهو -إذاً- هبة قد وهباها لك، والهبة لا تتم إلا بالحيازة قبل حصول المانع.
وبما أن زوجك قد توفي قبل أن تحوزي هبته، فإنها بذلك تكون قد بطلت من جهته، وبقي ما وهبه لك أخوك، أي أنه قد بقي لك نصف سهم وليس سهما كاملا، فهذا جواب عن سؤالك الثاني، وأما سؤالك الأول فجوابه أن زوجك إذا لم يكن له جد ولا جدة فإن ورثته هم أنت وابناك وبناتك.
والمال الذي أودع على أنه بينك وبين زوجك نصفين، قد تبين أن هبة الزوج منه قد بطلت -كما بينا-، فلك منه -إذاً- ربع تختصين به، والباقي وهو ثلاثة أرباع هو من جملة تركة زوجك، وتركة زوجك تقسم إلى ثمانية أسهم، لك أنت منها سهم (ثمن)، ولكل بنت سهم، ولكل ولد سهمان. قال الله تعالى: فَإِن كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ {النساء:12}، وقال تعالى: يُوصِيكُمُ اللّهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ {النساء:11}.
ثم إننا ننبه السائل إلى أن أمر التركات أمر خطير جدا وشائك للغاية، وبالتالي، فلا يمكن الاكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها صاحبها طبقا لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، فقد يكون هناك وارث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا أو ديون أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي إذاً قسم التركة دون مراجعة للمحاكم الشرعية إذا كانت موجودة، تحقيقا لمصالح الأحياء والأموات.
والله أعلم.