الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فنسأل الله لك الشفاء العاجل من هذا الوسواس، وأن يمن عليك بالتوفيق والسداد والثبات على الخير، وننبهك إلى أنا كنا قد بينا من قبل كيف يمكن للمرء أن يطرد عن نفسه الوسواس القهري، ولك أن تراجع في هذا الفتوى رقم: 11752.
وليس من شك في أن أمك -عفا الله عنها- قد أخطأت في قولها لك إنك لست من الأسوياء، وفي اتهامها لك بعدم الرجولة، ولفت انتباهك إلى كبر حجم أردافك.. فهذه الأقوال كان لها أثر -فيما يبدو- فيما لحقك من شك في رجولتك، وفي تنمية هذا الوسواس عندك.
ورداً على ما طرحته من أسئلة فإن المني يخرج غالباً عند الشهوة الكبرى في النوم واليقظة، ويخرج بتدفق وقوة، وبعد ما ينتهي يشعر صاحبه باسترخاء وفتور... وله رائحة كرائحة طلع النخل أو العجين، والذي نرجحه هو أن السائل الذي قلت إنه قد خرج منك على سبيل الشهوة مع الدفق، وقلت إنه كان غليظ القوام... هو مني، وإذا كان الأمر كذلك فإنك به تكون قد بلغت.
ولكنه لا يلزم أن تعاقب بهذا الفعل الذي صدر منك، وإنما يجب أن تتوب منه فقط، كما يجب أن تتوب من جميع ما قلت إنك قد ارتكبته من الذنوب، والتوبة كفارة لجميع الذنوب، والتائب من الذنب كمن لا ذنب له، كما في الحديث الشريف، وروى الإمام أحمد والترمذي وابن ماجه والحاكم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: كل ابن آدم خطاء، وخير الخطائين التوابون. وروى الترمذي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: يا ابن آدم؛ إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان منك ولا أبالي، يا ابن آدم؛ لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك، يا ابن آدم؛ إنك لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئاً لأتيتك بقرابها مغفرة.
واعلم -هدانا الله وإياك- أن هذه الوسوسة التي قلت إن الشيطان يلح عليك بها، يريد إقناعك بأنك من الزناة، وأن الدواء يعد هروباً من المعاصي التي ارتكبتها، أو أن المرض هو بسبب المعاصي، أو أنك لست مناسباً للزواج، وإن فعلت تكن خادعاً لبنات الناس... وخوفك من أن لا توفي الزوجة حقها في الجماع إلى غير ذلك من الوساوس الكثيرة... إنما هي مكايد للشيطان يريد منها صرفك عن التوبة وعن الخير والراحة النفسية، فأبعد نفسك عنها، ولا تطع الشيطان في إتعابك وتكدير صفو عيشك.
والله أعلم.