الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فما ذكرته من أن أحد الشريكين لم يساهم إلا في ثمن القيراطين واللودر، بينما دفع الشريك الثاني مساهمته في ثمن القيراطين واللودر مع جميع المستلزمات من رمل وإسمنت وغيرهما... يفيد أن أحد الشريكين أكثر نصيباً من الآخر في مال الشركة، وهذا أمر ليس فيه من حرج، وطريقة اقتسام الربح تكون على حسب الاتفاق بينهما، قال ابن مفلح في الفروع: وربح كل شركة على ما شرطا ولو تفاضلا ومالهما سواء، نص عليه. انتهى.
وأما ما ذكرته من أن الشريك الأقل حظاً في الشركة قال إنه سوف يأخذ نصيباً ثابتاً كل شهر وهو مبلغ 400ج مصري، وعند تصفية الربح في آخر كل عام كان يأخذ نصف الربح... فهذا أمر غير واضح! وعلى أية حال فإن كان هذا قد اشترط عن عقد الشركة فإنها تفسد به.
قال ابن مفلح: فإن شرطا لهما أو لأحدهما ربحاً مجهولاً أو مثل ما شرط فلان لفلان أو معلوماً وزيادة درهم أو إلا.. فسد العقد. انتهى. وإذا فسدت الشركة كان الربح والوضيعة (الخسارة) على قدر ماليهما ويكون لمن قام بالعمل أجرة مثله فيما قام به من عمل، وعلى هذا التقدير فالواجب أن يختص العامل بأجرة مثله، ثم يوزع الربح بحسب المالين، وأما لو كان الشريك الذي قلت إنه قال (إنه سوف يأخذ نصيباً ثابتاً كل شهر وهو مبلغ 400 ج مصري... إلى آخر ما ذكرته)، قد قال ذلك بعد انعقاد الشركة فإنه لا يكون فيه ضرر على الشركة، ويبقى الربح على ما تم عليه الاتفاق بينهما.
ثم ما ذكرته من أن الشريك الأكثر نصيباً في الشركة كان يدفع الغرم من ضرائب وأجور محامين... إذا كنت تقصد أنه يدفع ذلك من مال الشركة فإن ذلك هو الواجب ولا شيء فيه، وإن كنت تقصد أنه يدفع ذلك من جيبه فمن حقه أن يسترجع من الشركة قدر ما دفعه من ذلك. ثم قولك (إن صاحب رأس المال قد اشترى قطعة أرض من ربح المشروع ملاصقة لقطعة أرض المجيرة، وأنه دفع فيها من ماله الخاص...) وأنت تسأل عما إذا كان الواجب أن تقسم مناصفة بينهما بعد إخراج قيمة ما دفعه من خالص ماله، أم أنه لا حق للرجل الآخر فيها... فالجواب: أنه إن كان قد اشتراها للمشروع فإنها تكون كسائر ممتلكات المشروع، وله هو فقط أن يسترجع منها ما بذله من خالص ماله، وإن كان اشتراها لنفسه فإنه يختص بها ولكنه يرد للمشروع ما أخذ من ثمن أو يعتبر من نصيبه من الربح إن وجد، وإلا فمن رأس ماله.
والله أعلم.