خلاصة الفتوى:
يجب البر بالأم ولو لم تكن تراعي مشاعر الابن وأحاسيسه، ولا يجوز أخذ مالها عن طريق التحايل.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
واعلم أن واجبك هو بر أمك والإحسان إليها على كل حال؛ لأن الله تعالى أمر بذلك في قوله سبحانه: وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا {الإسراء: 23}. وقوله سبحانه: وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا {الأحقاف: 15} إلى غير ذلك من الآيات الدالة على وجوب بر الوالدين.
ولتعلم أن عقوقها من أعظم الكبائر، قال صلى الله عليه وسلم: حين سئل عن الكبائر قال: الشرك بالله، وقتل النفس، وعقوق الوالدين. متفق عليه.
ومهما فعلت الأم فإن حقها في البر والإحسان لا يسقط، فقد أمر الله عز وجل الولد بمصاحبة والديه معروفا وهما مشركان، قال تعالى: وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا {لقمان:15}.
واعلم أن جميع ما ذكرته من الوقوف معها ماديا و معنويا –مع أنه من واجبك- فإنه أيضا لا يمكن أن يقاس بما عانته هي من الحمل بك والإرضاع والحضانة وغير ذلك مما لا يستطاع حصره...
وفيما يخص موضوع سؤالك، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس منه" رواه أحمد وأبو داود.
وبناء عليه، فهذا الذي يريد أبوك أن يفعله من أخذ مبلغ منها عن طريق الحيلة، ويعطيه لك لا يجوز؛ لأن أخذ المال عن طريق الحيلة إذا لم يكن سرقة أو غشا أو خديعة، فإن أدنى مراتبه أن يكون أخذا له بغير طيب نفسها به، وقد علمت ما في ذلك.
والله أعلم.