خلاصة الفتوى:
من استدان وفي نيته الوفاء فعجز عن ذلك حتى توفاه الله تعالى ولم يسدد دينه فإنه غير مؤاخذ في الآخرة.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فمن استدان في أمر مباح وفي نيته الوفاء، فأُعسر وعجز عن وفاء دينه فإنه غير مؤاخذ، وعلى دائنيه إنظاره إلى ميسرة، لقوله تعالى: وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَن تَصَدَّقُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ {البقرة:280}، أي أنظروه.. وإذا استمر بالمدين العازم على الوفاء الإعسار حتى توفاه الله تعالى فإنه لا يطالب بهذا الدين في الآخرة، ويتولى الله عز وجل إرضاء غرمائه، وراجع للمزيد في ذلك الفتوى رقم: 19076.
وأما هل هذا الدين في حق السائل نقمة أم هو اختبار من الله؟ فنقول: إن الشر والخير ابتلاء من الله تعالى للعبد، كما قال تعالى: وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ {الأنبياء:35}، وقال تعالى: وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمَوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ {البقرة:155}، ومعنى نبلوكم نختبركم بالشدة والرخاء والفقر والمرض والعافية والسعة لينظر جلياً كيف شكركم في السعة والخير، وكيف صبركم في الشد والشر.. ومن المعلوم أن الله عالم بما سيظهر منكم قبل ظهوره، ولكن إنما يحاسب العباد على ما وقع منهم بالفعل.
وعليه؛ فهذا الإعسار وتلك الخسارة التي لحقت بالأخ السائل اختبار من الله تعالى له، فليُرِ الله منه ما يحب من الصبر والاحتساب والسعي في رد الدين وإبراء الذمة، وله أن يطلب سداد دينه عن طريق سهم الغارمين، وراجع في معنى الغارم الفتوى رقم: 18603.
والله أعلم.