خلاصة الفتوى:
إن من حقك أن تكافئي ممن اغتابك أو ظلمك، وليس ذلك من حق أمك، ولا يجوز أن تخبريها بما سيحملها على المخالفة.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
قبل الجواب عما سألت عنه، نريد أولاً أن ننبهك إلى أن الإساءة التي قلت إنك تتلقينها من بعض الأشخاص، يجوز لك أن تكافئي بمثلها إذا كانت مما تجوز المكافأة فيه، والأفضل العفو، لقول الله تعالى: فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُواْ عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ {البقرة:194}، وقوله تعالى: وَجَزَاء سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ {الشورى:40}، وقوله تعالى: وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُواْ بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُم بِهِ وَلَئِن صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِّلصَّابِرينَ {النحل:126}، قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى الكبرى: وكذلك له أن يسبه كما يسبه، مثل أن يلعنه كما يلعنه، أو يقول: قبحك الله، فيقول: قبحك الله، أو أخزاك الله، فيقول له: أخزاك الله، أو يقول: يا كلب يا خنزير، فيقول: يا كلب يا خنزير. فأما إذا كان محرم الجنس مثل تكفيره أو الكذب عليه لم يكن له أن يكفره ولا يكذب عليه، وإذا لعن أباه لم يكن له أن يلعن أباه، لأن أباه لم يظلمه. انتهى.
ولا تجوز المكافأة بما ليس من جنس الاعتداء، كما أن هذه المكافأة حق للمعتدى عليه، ولا يتعداه إلى غيره، فليس من حق أمك -إذاً- أن تغتاب أؤلئك الذين أساؤوا إليك، وبالتالي فإذا كنت تعلمين أنها ستفعل ما ذكرته عنها، فإنه لا يجوز لك أن تبوحي لها بما حدث لك، لأنك إن فعلت كنت حاملة لها على ارتكاب الإثم، والله تعالى يقول: وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ {المائدة:2}.
والله أعلم.