خلاصة الفتوى: كل ما تركته الأم من المال يعتبر تركة، ولا يجوز للأب منع أولاده من صلة رحمهم، وليس عليهم أن يعطوه المال ليسمح بذلك.
لقد تضمن السؤال النقاط الثلاث التالية:
1. أخذ جدتك المشغولات الذهبية التى كانت بيد الأم.
2. إصرار أبيك على مقاطعة جدتك وجميع أخوالك.
3. قول أبيك إنه لن يسمح لك بدخول منزله ورؤية إخوتك حتى تعطيه كل ما لديك من المشغولات الذهبية...
وحول النقطة الأولى نقول: إن جميع ما تركته أمك من المال، سواء كان ذهبا أو مبلغا نقديا أو أمتعة... ونحوها، وسواء كان زوجها هو الذي اشتراه لها أو كانت قد حصلت عليه من جهة أخرى... فإنه يعتبر تركة يجب تقسيمها على فرائض الله.
ويكون لزوجها منه الربع، ولأمها السدس، وباقيه بين جميع أولادها للذكر سهمان وللأنثى سهم. قال الله تعالى: فَإِن كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ {النساء:12}. وقال تعالى: يُوصِيكُمُ اللّهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ. إلى قوله تعالى: وَلأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِن كَانَ لَهُ وَلَدٌ {النساء:11}.
فعلم من هذا أن الجدة والأخوال قد أخطأوا فيما فعلوه من الاستيلاء على المشغولات الذهبية.
كما أن أباكم يعتبر مخطئا فيما يريده منكم من قطع رحمكم، فقد جاء في الحديث الشريف أنه: لا يدخل الجنة قاطع رحم. متفق عليه. وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن الله خلق الخلق، حتى إذا فرغ منهم قامت الرحم فقالت: هذا مقام العائذ بك من القطيعة. قال: نعم، أما ترضين أن أصل من وصلك، وأقطع من قطعك؟ قالت: بلى. قال: فذلك لك. ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اقرءوا إن شئتم: فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم {محمد:22}.
فلا يجوز أن تطيعوا أباكم في هذا الأمر؛ والطاعة إنما تكون في المعروف.
ويعتبر أبوكم مخطئا أيضا في قوله إنه لن يسمح بدخولك منزله ورؤية إخوتك حتى تعطيه كل ما لديك من المشغولات الذهبية... فلا يلزمك أن تعطيه هذه المشغولات، والذنب في عدم صلتك لإخوتك عليه هو؛ لأنه الذي منعك من هذا الواجب.
ومع هذا فالواجب أن تبريه وتحترميه وتدعي له بالهداية وتنصحيه إذا أمكنك ذلك.
ولو أعطيته المشغولات براً به وتخليصا له من إثم القطيعة لكان ذلك أمرا حسنا تؤجرين عليه إن شاء الله، لكنه لا يلزمك كما قدمنا.
والله أعلم.