خلاصة الفتوى:
ما قام به أخوك سرقة وخيانة، ولا تتم توبته منه إلا بإرجاع جميع المال أو باستحلال صاحبه منه، وليس من حقك أن تقرضي مال أخيك دون إذن منه، وإنك إذ فعلت ذلك فمن حقه أن يأخذ من إرثك ما يكمل الفرق بين المبلغين إن كان قريبك لم يرد إليه القرض بتمامه.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
لقد اشتمل السؤال على ما يلي:
1- قيام أخيك بتزوير الشيكات.
2- ما أخبر به بعدُ من امتلاكه مبلغاً في حساب آخر.
3- ما قمتِ به أنت في سبيل حل المشكلة.
4- تسلفك شيئاً من المال لقريبك.
5- ما حدث من إرجاع عملة غير العملة التي اقتُرضت، إن كان القرض قد تم بالدولار.
6- غضب أخيك من استلافك لقريبكما.
7- إرادته أخذ جزء من ميراثك مقابل خسارته.
النقطة الأولى: فإن ما قام به أخوك من تزوير الشيكات يعتبر سرقة وخيانة للأمانة وغشاً، وكلها أمور ممقوتة في الشرع، ومن واجبه أن يبادر إلى التوبة من جميع ذلك، ومن تمام توبته أن يرجع جميع ما سرقه من الأموال أو يستحل منها صاحبها.
وما ذكرته من رضا صاحب العمل بالحل الذي فعلتموه لا ينجي أخاك مما اقترفه إذا كانت الأموال التي أخبر بها بعد تخلصه من المشكلة ملكاً لصاحب العمل، لأن صاحب العمل قد رضي بذلك الحل ظاناً أن أخاك لا يملك غير المبلغ الذي حملته إليه الأم، وفي هذا جواب عن النقطة الثانية.
وليس من شك في أن ما قمت به أنت من السعي في تخليص أخيك من المشكلة يعتبر عملاً إنسانياً طيباً، ممدوحاً في الدين وتقتضيه الأخلاق والأعراف، لكن هذا لا يبيح لك التصرف في أمانة أخيك دون إذن منه، فقد بينا من قبل أن التصرف في الأمانة دون إذن صاحبها لا يجوز ويستوجب الإثم، ولك أن تراجعي في ذلك الفتوى رقم: 21071. ثم إن من اقترض مبلغاً من المال بعملة معينة من واجبه أن يرد قدره من نفس العملة.
وكان من المناسب لأخيك أن لا يؤاخذك بما فعلته، لأنك أخته، ولأنك سعيت في تخليصه من تلك الأزمة، ولأنك أقرضت المال لقريبكما، ومن تعاطف معكم في النكبة التي حلت بكم... وفي خصوص ما أراده أخوك من أخذ جزء من ميراثك مقابل خسارته، فإن كان الذي سحبته له أنت هو عملة البلد، وهو ما أقرضته لقريبك فليس من حقه أن يأخذ أكثر من القدر الذي تم قرضه ولو نقصت عملة البلد عن قيمتها يوم القرض، إذ المقرر عند أهل العلم هو أن الدين إنما يلزم في قضائه ما ثبت في ذمة المدين وقت التحمل، ولا اعتبار لما بلغته قيمته وقت الأداء.
وعلى هذا التقدير فليس من حق أخيك أن يأخذ من إرثك شيئاً يعوض به خسارته، وأما لو كان ما أقرضته لقريبك هو بالدولار فإن من حق أخيك استرجاع ذلك منه بالدولار، وفي هذه الحالة يكون من حقه أن يأخذ من إرثك ما يكمل به الفرق بين المبلغين إذا كان قريبك لم يرجع المبلغ المقترض كاملاً.
والله أعلم.