خلاصة الفتوى:
إذا لم تكن البنت رضعت من أمك خمس رضعات معلومات فإن المحرمية لم تثبت، ولكن الأفضل تركها وعدم الزواج منها.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد اختلف العلماء في القدر المحرم من الرضاعة كما اختلفوا أيضا في ما تثبت به الرضاعة.
أما بالنسبة للقدر المحرم من الرضاعة، فمنهم من قال: إن قليل الرضاع وكثيره محرم وهذا مذهب المالكية ومن وافقهم.
ومنهم من قال: لا يحرم إلا ثلاث رضعات فصاعدا، وذهبت طائفة ثالثة إلى أنه لا يحرم إلا خمس رضعات، ولكل من هؤلاء دليله الذي يدعم به قوله، ويقوي به رأيه.
ونحن نرجح القول الأخير لقوة دليله كما هو مبين في الفتوى: 9790.
وبناء على ذلك فإذا كانت البنت التي تريد الزواج منها قد رضعت من أمك ولكنها لم تكمل خمس رضعات معلومات فإن المحرمية لم تثبت شرعا، ولكننا لا ننصح بالزواج منها مادام أصل الرضاع قد ثبت، فالأفضل تركها وعدم الزواج منها، وذلك لما في صحيح البخاري وغيره: عن عقبة بن الحارث أنه تزوج ابنة لأبي إهاب بن عزيز، فأتته امرأة فقالت: قد أرضعت عقبة والتي تزوج، فقال لها عقبة ما أعلم أنك أرضعتني، ولا أخبرتني، وفيه أن عقبة أرسل إلى أهل البنت يسألهم فقالوا: ما علمنا أنها أرضعت صاحبتنا، فركب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة فسأله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كيف وقد قيل، ففارقها عقبة ونكحت زوجا غيره. وفي رواية: دعها.
ثم إننا ننبهك إلى أن خمس رضعات قد تقع في يوم واحد، بل قد تقع في جلسة واحدة، فكلما التقم الصبي الثدي ثم تركه طوعا فإن تلك تعد رضعة مشبعة، ولو عاود التقامه بعد في الحال ثم تركه طوعا كانت رضعة ثانية وهكذا، فابتعد عن الزواج بهذه المرأة ولا تبن حياتك على أمر تشك في حليته، واعلم أنك لو أقدمت على الزواج اتكالا على أن الرضاع الواقع غير محرم فنخشى عليك الوساوس أن تظل تطاردك، وألا يهدأ لك بال أو يستقر لك حال.
والله أعلم.