خلاصة الفتوى:
الراجح من كلام أهل العلم وجوب تغطية الوجه والكفين، لكن لم يرد أن من ترك ذلك يكون ملعوناً ومطروداً من رحمة الله، وإنما هو عاص لله عز وجل بتركه لما يجب عليه فعله شرعاً على القول بوجوب تغطية الوجه والكفين، ولم ينقل أن عدم فعل ذلك يمنع من الحشر في زمرة أمهات المؤمنين، لكن لا يستوي أهل الطاعة وأهل المعصية، ومن أحب أن يحشر مع أمهات المؤمنين فليسلك سبيلهم في الخير ويأتسى بهم في المعروف.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد بينا في فتاوى سابقة أن الراجح من كلام أهل العلم وجوب تغطية الوجه والكفين وسترهما، وذكرنا أدلة ذلك مفصلة، وتراجع في ذلك الفتاوى ذات الأرقام التالية: 4470، 18296، 71734.
وإذا كان فعل ذلك واجباً فإن تركه معصية يستحق فاعلها العقاب ما لم يتب إلى الله تعالى منها، وأما اللعن فلم يرد ولا يقاس على النمص أو غيره، وننبهك إلى أن الشعور بالعجز والضعف هو من حيل إبليس وكيده، فمن كان على الحق فإنه أمة ولو لم يكن معه أحد، وقد ارتديت الحجاب رغم كيد وأنف مناوئيك فالبسي النقاب ولا تبالي بتلك البيئة الفاسدة، وإياك أن تطالبي رضا الناس بما يسخط الخالق، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من التمس رضا الله بسخط الناس رضي الله عنه وأرضى الناس عنه، ومن التمس رضا الناس بسخط الله سخط الله عليه وأسخط عليه الناس. رواه ابن حبان في صحيحه.
ومما يعين على الالتزام مرافقة الصحبة الصالحة والبعد عن مجالسة ومصاحبة أهل الهوى فالصاحب ساحب، والمرء على دين خليله كما في الحديث، وأما هل عدم ارتدائك للنقاب يمنعك من أن تحشري مع أمهات المؤمنين فلم يرد في ذلك نص، لكن من المعلوم أنه لا يستوي أولو الطاعات وأصحاب المعاصي والسيئات، قال الله تعالى: أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاء اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ {الزمر:9}، أي هل يستوي هو ومن ليس كذلك، كلا لا يستويان، فإن كنت تودين أن تحشري مع أمهات المؤمنين فسيري على ما كانوا عليه وائتسي بهم في أعمالهم الصالحة وقربهم من الله عز وجل.
نسأل الله تعالى أن يوفقك ويهيئ لك من أمرك رشدا، ويسلك بك سبيل الخير ويبعدك عن سبيل الغواية إنه ولي ذلك والقادر عليه.
والله أعلم.