الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلعله يقصد باشتياق إدريس إلى الجنة تلك القصة الطويلة التي ذكرها بعض أهل التفسير والأخباريون .. ولعلها من الإسرائيليات، وخلاصتها: أن ملك الموت كان صديقا لإدريس وقد صحبه في رحلته التي كان يتعبد فيها ويسيح في الأرض.. فقال له أسالك بالذي أحببتني لأجله أن تريني لمحة من الجنة- وكان قد طلب منه قبل ذلك أن يميته ويريه النار ليحمله ذلك على العبادة- فقال له ملك الموت - عليه السلام : يا نبي الله أبشر ! فإنك إن شاء الله من خيار أهلها وإنها إن شاء الله مقيلك ومصيرك، فقال : يا ملك الموت إني أحب أن أنظر إليها ولعل ذلك أن يكون أشد لشوقي وحرصي وطلبي! فذهب به إلى باب من أبواب الجنة فنادى بعض خزنتها فأجابوه فقالوا : من هذا ؟ قال: ملك الموت، فارتعدت فرائصهم وقالوا: أمرت فينا بشيء ؟ فقال: لو أمرت فيكم بشيء ما ناظرتكم ولكن نبي الله إدريس - عليه السلام - سأل أن ينظر إلى لمحة من الجنة فافتحوا، فلما فتح أصابه من بردها وطيبها وريحانها ما أخذ بقلبه فقال: يا ملك الموت إني أحب أن أدخل الجنة فآكل أكلة من ثمارها وأشرب شربة من مائها فلعل ذلك أن يكون أشد لطلبتي ورغبتي وحرصي، فقال: ادخل، فدخل فأكل من ثمارها وشرب من مائها، فقال له ملك الموت: اخرج يا نبي الله قد أصبت حاجتك حتى يردك الله مع الأنبياء يوم القيامة، فاحتضن بساق شجرة من شجر الجنة وقال: ما أنا بخارج منها وإن شئت أن أخاصمك خاصمتك، فأوحى الله إلى ملك الموت: قاضه الخصومة؛ فقال له ملك الموت: ما الذي تخاصمني به يا نبي الله ؟ فقال إدريس: قال الله تعالى كل نفس ذائقة الموت" فقد ذقت الموت الذي كتبه الله على خلقه مرة واحدة، وقال الله : وإن منكم إلا واردها كان على ربك حتما مقضيا، وقد وردتها أفأردها مرة بعد مرة، وإنما كتب الله ورودها على خلقه مرة واحدة ؟ وقال لأهل الجنة : وما هم منها بمخرجين، أفأخرج من شيء ساقه الله إلي ؟ فأوحى الله إلى ملك الموت: خصمك عبدي إدريس وعزتي وجلالي: إن في سابق علمي قبل أن أخلقه أنه لا موت عليه إلا الموتة التي ماتها وإنه لا يرى جهنم غلا خلا ؟ الورد الذي وردها وأنه يدخل الجنة في الساعة التي دخلها وأنه ليس بخارج منها فدعه يا ملك الموت.
والله أعلم.