خلاصة الفتوى:
الوساطة التجارية جائزة، إذا انضبطت بالضوابط الشرعية في هذا المجال، ومن ذلك: أن يكون المتوسَط فيه مباح شرعًا، وأن تُعلم أجرة الوسيط، والعمل المتوسط فيه، والوسيط وكيل، لا يضمن، إلا إذا تعدّى، أو فرّط، أو التزم الضمان في عقد الوساطة.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعـد:
فإن الوساطة التجارية، من الأعمال الجائزة، إذا انضبطت بالضوابط الشرعية، وعلى رأس ذلك: أن يكون المتوسَط فيه مما يباح في الشريعة، وأن يُعلَم أجر الوسيط، والعمل المتوسط فيه؛ دفعًا للضرر، والجهالة، ولا يلزم أن يستقصي في معرفة المتوسَط فيه، وإنما يعلم بما يدفع الضرر المؤثر، وفي المنهاج: وليكن الموكل فيه معلومًا من بعض الوجوه، ولا يشترط علمه من كل وجه. انتهى.
وأما بالنسبة للمسائل التي سأل عنها السائل:
ففيما يخص المسألة الأولى: فإن قيام الوسيط بتسعير السلعة المراد استيرادها للمشتري لا وجه له، وإنما يصح منه أن يعرض على المشتري السعر الذي يطلبه البائع في السلعة، ويتوسط في اتفاقهما على ذلك، دون تغرير، أو تدليس على أحدهما، فإن الوسيط أمين للطرفين، جاء في در الحكام: السمسار، والبياع، والأجير المشترك، كلهم أمناء.
المسألة الثانية: يجوز للوسيط أخذ عمولته من الطرفين، ما لم يكن وكيلًا عن أحدهما، فإذا كان كذلك، لم يجز له أخذ عمولة من الطرف الآخر، إلا بإذن من موكله.
المسألة الثالثة: السمسار، أو الوسيط إذا التزم بضمان المتوسط فيه ما لو ظهر به عيب، أو استحق، لزمه هذا الضمان، ولا يرجع المشتري على البائع، وإنما يرجع على السمسار، ويرجع السمسار على من غره، قال ابن عاصم في تحفة الحكام:
والأجنبي جائز منه الشرا * ملتزم العهدة فيما يشترى.
وقال ميارة في الشرح المسمى: الإتقان والأحكام في شرح تحفة الحكام: والمراد بالأجنبي في البيت: وكيل المالك للشيء المبيع النائب هو عنه... والمعنى: أنه يجوز للإنسان أن ينوب عن غيره في الشراء، ويلتزم له عُهدة العيب، والاستحقاق، وأنه إن حصل أحدهما، غرم للمشتري الثمن. انتهى.
والله أعلم.