الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن هذا الحديث وما أشبهه يفهم من سياقه وملابساته.. ويوضح هذه الرواية ما جاء في الصحيحين عن أنس قال: كان منا رجل من بني النجار قد قرأ البقرة وآل عمران وكان يكتب لرسول الله صلى الله عليه وسلم فانطلق هارباً حتى لحق بأهل الكتاب، قال: فرفعوه، قالوا: هذا قد كان يكتب لمحمد فأعجبوا به فما لبث أن قصم الله عنقه فيهم فحفروا له فواروه فأصحبت الأرض قد نبذته على وجهها، ثم عادوا فحفروا له فواروه، فأصبحت الأرض قد نبذته على وجهها، ثم عادوا فحفروا له فواروه فأصبحت الأرض قد نبذته على وجهها، فتركوه منبوذاً. وسبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 27501.
فإن هذا المرتد قد افترى على رسول الله صلى الله عليه وسلم تلك الفرية فلم يصدر منه -صلى الله عليه وسلم- قول فيه إقرار على كتابة غير ما قاله أصلاً، وإنما لما زين له الشيطان الردة افترى على رسول الله صلى الله عليه وسلم لينفر عنه الناس، ويكون قبول ذلك منه متوجها لأنه فارقه بعد خبرة، وذلك أنه لم يخبر أحداً من المسلمين قبل ردته بقولته هذه، وإنما قال ذلك وهو كافر مرتد عدو لله ولرسوله وللمؤمنين، يفتري على الله ما هو أعظم من ذلك، فظن عدو الله أن عمدة النبي على كتابته مع ما فيها من التبديل، ولم يدر أن كتاب الله تعالى آيات بينات في صدور الذين أوتوا العلم، وأنه لا يغسله الماء، وأن الله حافظ له، وأن الله يقرئ نبيه صلى الله عليه وسلم فلا ينسى إلا ما شاء الله مما يريد رفعه ونسخ تلاوته، وأن جبريل كان يعارض النبي صلى الله عليه وسلم بالقرآن، وأن النبي صلى الله عليه وسلم إذا أنزلت عليه الآية أقرأها لعدد من المسلمين يتواتر نقل الآية بهم وأكثر، وقد أظهر الله عز وجل كذب هذا الرجل وافتراءه آية بينة ومعجزة واضحة للنبي صلى الله عليه وسلم حتى لفظته الأرض. انتهى ملخصا من الصارم المسلول.
والله أعلم.