خلاصة الفتوى:
يجب التخلص من المال العام في مصالح المسلمين العامة، ولك أن تنفق منه على نفسك وعلى عيالك حسب حاجتك.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالحمد لله على أنك أخذت الطريق إلى التوبة بما ذكرته من الندم والخوف الشديد من الموت قبل أن تتخلص مما أنت فيه.
والذي ننصحك به هو أن تخلص في توبتك، وتسعى في فعل الخير، وتقترب من الصلحاء وتبتعد عن أهل السوء، وتواظب على العبادة والطاعة، وغير ذلك من كل ما يقربك من الله ويبعدك عن طرق الشيطان.
والتوبة من أخذ المال العام بغير حق لا تتم إلا بإرجاعه إلى الجهة التي نيل منها إذا كانت تصرفه في مصارفه الشرعية ، فإن كانت لا تنفقه في ذلك فيجب إنفاقه في مصالح المسلمين العامة، وضابطها: كل ما لا يعود نفعه على أحد معين وكان نفعه مشاعا بين المسلمين، كرصف الطرق وإنشاء الجسور وبناء المدارس والمستشفيات ودور الأيتام ونحو ذلك. كما يمكن أن يصرف على الفقراء والمحتاجين.
وما ذكرت أنك صرفت فيه الأموال، منه ما يعد مصرفا لها، كالذي قلت إنك أعطيته للفقراء والمحتاجين من الأقارب وغير الأقارب، وكمساعدتك الكثيرين في الزواج إذا كانوا محتاجين، وكإنفاقك على عائلتك إذا لم يكن لك مصدر آخر تنفق منه.
كما أن ما أقرضته من هذا المال لمن وصفتهم بأنهم فقراء لا يملكون المال الذي أقرضتهم إياه، يمكنك أن تتركه لهم على سبيل التخلص منه.
وأما ما سوى ذلك مما أتلفته من هذا المال في غير مصارفه الشرعية فالظاهر –والله أعلم- أنه تقرر في ذمتك. والواجب أن تتخلص مما عندك منه، مع العزم على أنك ستخرجه متى قدرت على ذلك.
ولك أن تنفق منه على عيالك وعلى نفسك بحسب حاجتك. قال النووي في المجموع: وله أن يتصدق به [ يعني المال الحرام ] على نفسه وعياله إن كان فقيرا، لأن عياله إذا كانوا فقراء فالوصف موجود فيهم؛ بل هم أولى من يتصدق عليه، وله هو أن يأخذ قدر حاجته لأنه أيضا فقير. انتهى كلامه.
ومن هذا يتبين لك أن صرفك هذه الأموال للسفر من أجل العلاج في الخارج إذا كنت محتاجا إليه، ولم تجد بدا عنه فإنه يجوز لك.
وكذا الحال بالنسبة للدراسة إن كنت محتاجا لها أو كان المجتمع محتاجا إلى تعلمك.
والله أعلم.