الخلاصة:
فبما أن السائلة قد أبدت موافقتها ولو غير مقتنعة على كتب الكتاب فقد لزمها الزواج، وليس لها الخيار في فسخه لكن إن كانت تخشى من ألا تقيم حدود الله مع هذا الرجل فلا حرج عليها في طلب الطلاق منه ولو في مقابل فدية تدفعها له. والطلاق متى ما أوقعه الزوج في حالة اختيار منه وقع وإن لم يسمعه أحد، وكل طلاق وقع قبل الدخول فلا عدة منه .
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا يجوز لأبويك ولا لغيرهم إرغامك على الزواج بمن تكرهين باتفاق إن كنت ثيبا وعلى الراجح إن كنت صغيرة، وقد أخطأت بإبدائك للموافقة على عقد الزواج وأنت غير مقتنعة وراضية، وإن كان وصل بك كراهة الرجل إلى ما ذكرت فلا حرج عليك في طلب الفراق منه ولو بعوض لئلا تظلميه حقه، ولا تقيمي معه حدود الله عز وجل.
وإن كان قد طلقك وحده أو مع أحد أو أسمعك ذلك دون غيرك فيقع عليه الطلاق ديانة أي فيما بينه وبين الله عز وجل، لكن إن أنكر ذلك فلا بد من بينة عليه أنه نطق به وأوقعه. وعلى فرض حصول الطلاق قبل الدخول أو ما يقوم مقامه من الخلوة الشرعية فلا عدة عليك، وليس له مراجعتك لأنك قد بنت منه بينونة صغرى؛ فإن أراد الزواج بك فلا بد من عقد جديد كالزواج ابتداء ولك قبوله أو رفضه، ولك عليه نصف الصداق المسمى، وينبغي لك العفو عنه مادمت أنت من طلبت الطلاق ورغبت فيه، وعلى فرض أنه لم يطلقك فلك مخالعته بالتنازل عن حقوقك عليه ونحو ذلك، فإن أبى فلك رفع أمرك للقضاء وبيان ما كان له لإلزامه بما يجب عليه من ذلك شرعا، وأما لو رغب أهلك في الصلح فلا يلزمك قبوله ولا ينبغي أن تخجلي من بيان موقفك من الأمر وكرهك للرجل لئلا يتكرر نفس الخطأ ويزداد الأمر تعقيدا؛ لأن حله قبل مجيء الولد أهون مما لو كان بعد ذلك.
وأما ترك بيت أبويك فلا ننصحك به، ولا يجوز لك هجرهما، لكن إن أرغماك عليه ووجدت غيرهما من أقربائك فلا حرج عليك لكن مع السعي في مصالحة أبويك وعدم مقاطعتهما، وفي قلبيهما من الرحمة والشفقة ما ينسيهما ذلك بعد انتهائه والفكاك منه، ويمكنك تسليط بعض أهل العلم والصلاح عليهما لبيان الحكم الشرعي في ذلك كله لهما، وأنه لا يجوز لهما شرعا ولا ينبغي لهما طبعا إرغام ابنتهما وفلذة كبدهما على من تكره.
وللمزيد انظري هاتين الفتويين: 22845، 2233.
والله أعلم.