الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد تضمن سؤالك أمرين :
الأمر الأول : كون زوجك لا يصلي.
الأمر الثاني : ما يحدث تجاهك وتجاه أولادك من بعض أهل زوجك من سخرية ونحوها.
فأما بالنسبة للأمر الأول فلا شك أن ترك الصلاة أمر خطير ، ويكفي في الدلالة على ذلك أن بعض أهل العلم قد ذهب إلى كفر تاركها وخروجه من الملة ولو تركها تكاسلا ، وراجعي الفتوى رقم: 1145. وقد أحسنت بمناصحة زوجك بهذا الأمر، ويمكنك الاستعانة عليه ببعض الفضلاء ومن له تأثير عليه من أهلك أو أهله أو غيرهم ، ولا تنسي أن تكثري من دعاء الله تعالى له بالتوبة والصلاح . وحسنا فعل عندما يصلي في وقت الشدة ، وبدلا من أن تذكري له الكلام الذي ذكرت ، والذي ربما استفزه إذا اعتبره نوعا من الانتقاد ، فالأولى استغلال مثل هذا الظرف لتذكيره بوجوب المحافظة على الصلاة في كل وقت، وتذكيره أيضا بأن حسن الصلة بالله عند الرخاء سبب في كشف البلاء عند وروده ، كما في قول النبي صلى الله عليه وسلم لابن عباس رضي الله عنهما : " تعرف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة " رواه الإمام أحمد في المسند.
وأما الأمر الثاني : وهو سخرية بعض أهل زوجك منك ومن أولادك ، فإن حدث منهم ذلك فإنهم مسيئون ، وحسنا فعلت بالإعراض عن جهلهم ، فقد ذكر الله تعالى في صفات عباد الرحمن : وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا [ الفرقان: 63].
قال الحسن البصري معلقا : حلماء لا يجهلون وإن جهل عليهم حلموا ". ومع هذا فإن ظهرت لك المصلحة في الرد عليهم فيمكنك الرد عليهم ، فقد قال مجاهد في الآية السابقة نفسها : معنى سلاما سداداً . أي يقول للجاهل كلاماً يدفعه به برفق ولين. والواجب على زوجك أن يدفع عنك أذاهم، وبكل حال فاصبري واحتسبي الأجر والمثوبة عند الله تعالى واستعيني على ذلك بالتسلي بحال رسوله صلى الله عليه وسلم ودعاة هذه الأمة فيما لا قوة من الأذى في سبيل تمسكهم بهذا الدين والدعوة إليه.
والله أعلم.