خلاصة الفتوى:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلم تذكر بهذا السؤال وجه الخديعة، ولكن الأصل العام هنا هو جواز المجازاة بالمثل؛ لقول الله تعالى: فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ {البقرة:194} قال ابن العربي في كتابه أحكام القرآن عند تفسيره هذه الآية: قال علماؤنا: وهذا دليل على أن لك أن تبيح دم من أباح دمك، وتحل مال من استحل مالك، ومن أخذ عرضك فخذ عرضه بمقدار ما قال فيك ولذلك كله تفصيل:
أما من أباح دمك فمباح دمه لك لكن بحكم الحاكم لا باستطالتك وأخذ لثأرك بيدك ولا خلاف فيه.
وأما من أخذ مالك فخذ ماله إذا تمكنت منه إذا كان من جنس مالك طعاما بطعام وذهبا بذهب وقد أمنت من أن تعد سارقا.
وأما إن تمكنت من ماله بما ليس من جنس مالك فاختلف العلماء. فمنهم من قال لا يؤخذ إلا بحكم حاكم، ومنهم من قال يتحرى قيمته ويأخذ مقدار ذلك وهو الصحيح عندي.
واما إن أخذ عرضك فخذ عرضه لا تتعداه إلى أبويه ولا إلى ابنه أو قريبه؛ لكن ليس لك أن تكذب عليه وإن كذب عليك فإن المعصية لا تقابل بالمعصية، فلو قال لك مثلا يا كافر جاز لك أن تقول له أنت الكافر، وإن قال لك يا زان فقصاصك أن تقول يا كذاب يا شاهد زور، ولو قلت له يا زان كنت كاذبا فأثمت في الكذب وأخذت فيما نسب إليك من ذلك فلم تربح شيئا وربما خسرت.
وإن مطلك وهو غني دون عذر قل: يا ظالم يا آكل أموال الناس. قال النبي صلى الله عليه وسلم في الصحيح: ليُّ الواجد يحل عرضه وعقوبته. أما عرضه فبما فسرناه، وأما عقوبته فبالسجن حتى يؤدي.
وعندي أن العقوبة هي أخذ المال كما أخذ ماله، وأما إن جحدك وديعة وقد استودعك أخرى فاختلف العلماء فيه.. فمنهم من قال اصبر على ظلمه وأد إليه أمانته؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: أد الأمانة إلى من ائتمنك ولا تخن من خانك. ومنهم من قال اجحده كما جحدك؛ لكن هذا لم يصح سنده ولو صح فله معنى صحيح وهو إذا أودعك مائة وأودعته خمسين فجحد الخمسين فاجحده خمسين مثلها، فإن جحدت المائة كنت قد خنت من خانك فيما لم يخنك فيه وهو المنهي عنه، وبهذا الأخير أقول. والله أعلم. اهـ.