خلاصة الفتوى:
فالقدر لا يحتج به على الذنوب، وإنما يتعزى به عند المصائب، أما الذنوب فالواجب التوبة منها، ومن سعى إلى الزنا ومن أتى إليه، كل منهما مرتكب لكبيرة من كبائر الذنوب مستوجب للحد، ويزيد الساعي على الآخر بذنب السعي إلى الحرام.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد أجمع أهل السنة على أن القدر لا يحتج به على الذنوب، وإنما يتعزى به عند المصائب، وأما الذنوب فالواجب الإقلاع عنها، والتوبة منها، ولا يحتج بالقدر عليها وإن كانت من قدر الله، قال ابن أبي العز في شرح الطحاوية: وقع اللوم على المصيبة التي أخرجت أولاده من الجنة، فاحتج آدم بالقدر على المصيبة، لا على الخطيئة، فإن القدر يحتج به عند المصائب، لا عند المعائب، وهذا المعنى أحسن ما قيل في الحديث. فما قدر من المصائب يجب الاستسلام له، فإنه من تمام الرضى بالله ربا، وأما الذنوب فليس للعبد أن يذنب، وإذا أذنب فعليه أن يستغفر ويتوب، فيتوب من المعائب، ويصبر على المصائب. قال تعالى: فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ. وقال: وَإِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ لاَ يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا. انتهى.
وقال في إيثار الحق على الخلق: وقد أجمع أهل الإسلام على أن القدر يتعزى به أهل المصائب ولا يحتج به في المعائب. انتهى. وفي كتاب القول المفيد شرح كتاب التوحيد، وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: إن هذا من باب الاحتجاج بالقدر على المصائب لا على المعائب، فموسى لم يحتج على آدم بالمعصية التي هي سبب الخروج بل احتج بالخروج نفسه. انتهى.
وعليه؛ فلا فرق بين من سعى إلى الزنا وبين من أتى إليه، في كون كل منهما زان آثم مرتكب لكبيرة من كبائر الذنوب، مستوجب للحد، ولكن يزيد الساعي على الآخر بذنب السعي إلى الحرام.
والله أعلم.