خلاصة الفتوى:
الأصل قرار المرأة في البيت ويجوز لها الخروج للحاجة من عمل أو غيره مع التزامها بآداب الإسلام عند خروجها وتعاملها مع الرجال الأجانب.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن قرار المرأة في البيت هو الأصل والخروج استثناء، قال الله تعالى: وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ ... {الأحزاب:33}، وإذا احتاجت المرأة للخروج فيباح لها ذلك مع التزامها بآداب الإسلام في لباسها ومشيتها وتعاملها مع الرجال الأجانب فتلبس عند خروجها الحجاب الشرعي، وراجعي في مواصفات الحجاب الشرعي الفتوى رقم: 6745، وراجعي في آداب خروج المرأة من بيتها الفتوى رقم: 105835.
وأما خروج المرأة للعمل فيشترط له شروط أخرى منها أن يكون عملها مباحاً وأن لا يكون فيه خلوة أو اختلاط محرم أو تبرج، والظاهر من كلام السائلة أن هذه المحاذير أو بعضها موجودة في عملها إن خرجت للعمل، ولهذه الأسباب فإن قرارها بترك العمل قرار صحيح ويضاف إلى ذلك عدم حاجتها للعمل لقيام والدها بالنفقة عليها، ولا يلزمها أن تتكسب لتنفق على والديها، كما أنه لا يعد عقوقاً عدم طاعتهما في العمل مع وجود المحاذير المذكورة، وفي الحديث: إنما الطاعة في المعروف... رواه مسلم.
وبخصوص إصرارها على لبس الجلباب الساتر الذي يحقق مقصد الحجاب فإن هذا دليل على صدق إيمانها وليس فيه تزمت أو تطرف، كما أن ضعف إيمانها وزيادة غفلتها عندما تتواجد في أماكن الفتنة والاختلاط أمر طبيعي، ولذا أمر الله تعالى أن تجتنب الأماكن والأشخاص الذين يكونون سبباً في ضعف إيمان المخالط لهم أو غفلته، قال الله تعالى: وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللّهِ يُكَفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلاَ تَقْعُدُواْ مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ... {النساء:140}، وفي الحديث: مثل الجليس الصالح والجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير... الحديث متفق عليه.
فلا ريب أن للأصدقاء والزملاء أثراً في سلوك الشخص سلبا أو إيجاباً والمرء على دين خليله، ونصيحتنا للأخت السائلة أخيراً أن تقر في بيتها إلا أن تجد عملاً لا محذور فيه، وأن تتلطف في إقناع والديها بصحة وشرعية قرارها عدم العمل في ظل الظروف الحالية، وأن تختار صحبة طيبة من النساء المؤمنات الصالحات يعنها على الخير ويذكرنها به، وراجعي في معنى حديث: إن المرأة عورة فإذا خرجت استشرفها الشيطان... الفتوى رقم: 75502.
واسعي في الحصول على زوج صالح بالإلتجاء إلى الله ثم بعرض نفسك على من ترينه كذلك، وليكن ذلك بواسطة أحد محارمك من الرجال أو إحدى محارمه هو من النساء، وثقي بأن الله لن يضيعك ما دمت قد اخترت سبيل الاستقامة والبعد عن المحرمات والشبهات.
والله أعلم.