خلاصة الفتوى:
من نذر دهان قبلة مسجد إذا هو كسب قضية وبعد أن كسبها وجد المسجد قد تم تجديده فله أن يصرف النذر في مصالح المسجد الأخرى من منارة أو فرش ونحو ذلك مما يحتاج إليه، فإن لم يكن المسجد في حاجة لشيء من ذلك كله فليصرف المبلغ في مصلحة مسجد آخر. ومن الفقهاء من يرى أنه يتعين الاحتفاظ بالمبلغ حتى يحتاج إليه المسجد الذي عين للنذر فيصرف فيه ولا ينقل لغيره.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإذا كان النذر قد تم بالنية فقط فإنه غير لازم ولا منعقد، وإن تم بالقول فيجب الوفاء به بصرفه للجهة التي نذر صرفه فيها، وحيث إن المسجد الذي هو جهة النذر هنا تم استغناؤه عن الدهان المذكور في الوقت الحالي على الأقل، فلك أن تجعل النذر في مصالحه الأخرى مثل المنارة أو الفرش ونحو ذلك مما يحتاج إليه، فإن لم يكن المسجد في حاجة لشيء من ذلك كله فلتصرف المبلغ في مصلحة مسجد آخر، ففي كشاف القناع ما نصه: ويجوز صرف الموقوف على بناء المسجد لبناء منارته وإصلاحها، وبناء منبره وأن يشترى منه سلم للسطح وأن يبنى منه ظلة، لأن ذلك من حقوقه ومصالحه. انتهى.
وفي مطالب أولي النهى ممزوجاً بمتن غاية المنتهى: وما فضل عن حاجة نحو مسجد (كرباط) ومدرسة (من حصر وزيت ومغل وأنقاض وآلة) جديدة (وثمنها)، أي: هذه الأشياء إذا بيعت (يجوز صرفه في مثله) فإن فضل عن مسجد صرف في مسجد آخر. انتهى.
وفي التاج والإكليل على مختصر خليل في الفقه المالكي: ما كان لله فلا بأس أن يستعان ببعض ذلك على ما النفع فيه أكثر والناس أحوج إليه. انتهى.
ومن الفقهاء من يرى أنه يتعين الاحتفاظ بالمبلغ حتى يحتاج إليه المسجد الذي عين للنذر فيصرف فيه ولا ينقل لغيره، ففي الفتاوى الكبرى لابن حجر الهيتمي مجيباً من سأل عمن نوى أو نذر أن يعمر مسجداً معيناً وجمع لذلك آلات فلم يتيسر له فهل له أن يعمر مسجداً آخر... أم لا (فأجاب): لا يجوز صرف تلك الآلات التي قد يحتاج إليها مسجدها في عمارة مسجد آخر ولا يبيعها بل يجب على الناظر حفظها لحاجات ذلك المسجد ولو نذر أن يعمر مسجداً معيناً أو في موضع معين لم يجز له أن يعمر غيره بدلاً عنه هذا إن تلفظ بالنذر، فإن قصد ذلك لم يلزمه بمجرد القصد شيء، ولا يجوز استعمال حصر المسجد ولا فراشه في غير فرشه مطلقاً، سواء أكان لحاجة أم لا... ولو في مسجد آخر. انتهى. وللفائدة يراجع في ذلك الفتوى رقم: 43097، والفتوى رقم: 37057.
والله أعلم.