الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد جاءت السنة الصحيحة بالنهي عن تجصيص القبور ورفعها أو تشييدها والبناء عليها، والعلة في ذلك خشية الافتتان بأهلها والوقوع في الشرك بالغلو فيهم وصرف العبادة لهم، كما فعل اليهود والنصارى من قبل وكما وقع من بعض المسلمين في زماننا، وأيضاً لما في ذلك من إضاعة المال فيما لا فائدة فيه، روى الجماعة إلا البخاري أن عليا رضي الله عنه بعث أبا الهياج الأسدي وقال: ألا أبعثك على ما بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تدع تمثالاً إلا طمسته ولا قبراً مشرفاً إلا سويته.
لكن إن احتيج إلى تسوير القبور لحمايتها من السباع أو للمحافظة عليها من الإندراس بسبب السيول أو غيرها فلا حرج في ذلك بشرط أن يكون بقدر الضرورة أو الحاجة، لأن الضرورة تقدر بقدرها، فإن كان الضرر المتوقع يندفع بسور بعلو شبر وجب الاقتصار وعدم الزيادة على ذلك، وراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 24626، 11174، 14138، 504.
وأما الرفع لمجرد التعرف على القبر فلا يشرع بل يشمله عموم النهي، لأن تعريف القبر يمكن بما دون ذلك، فإن حصل هذا القصد تبعاً لغرض حماية القبر من السيول ونحوها فلا حرج إن شاء الله تعالى لأنه يجوز تبعاً ما لا يجوز استقلالاً.
والله أعلم.