الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن رب العمل ملزم شرعاً ببذل الأجر المتفق عليه بينه وبين العامل كاملاً غير منقوص، كما أن العامل ملزم بالعمل المحدد طيلة الوقت المتفق عليه، لقول الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ {المائدة:1}، كما أن على رب العمل -حسب العرف- تعويض العامل عن العمل الإضافي الذي يقوم به بناء على طلب منه، فالمعروف عرفاً كالمشروط شرطاً.
ويحرم عليه أن ينقصه من أجره شيئاً مستغلاً حاجته إليه لأن ذلك من الظلم الذي نهى الله عنه، ففي الحديث القدسي عن أبي ذر عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما روى عن الله تبارك وتعالى أنه قال: يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرماً فلا تظالموا. رواه مسلم. وليس للعامل غير ما اتفق عليه مع رب العمل ولو كان هو الحد الأدنى للأجور.. وللعامل أن يطالب بما يتأكد أنه حق له، فإن استجاب رب العمل لمطالبه فذلك المطلوب، وإن لم يستجب شكاه إلى السلطة المختصة لتنصفه.
فقد سئلت اللجنة الدائمة عن رجل يعمل في بقالة وصاحب العمل لا يعطيه راتبه إلا كل أربعة أشهر أو ستة، فهل يجوز له أن يأخذ راتبه الشهري من أموال البقالة التي يعمل بها بدون علم صاحبها؟ فأجابت: لا يجوز لك أخذ راتبك من البقالة التي تشتغل فيها بدون علم صاحبها وإذنه لك بذلك، وعليك بمطالبة صاحب العمل بمرتبك، فإن أبى فإنك تقوم برفع شكايتك إلى الجهة المختصة لتلزمه بذلك. انتهى..
فإذا لم تنصفه تلك الجهة فله أن يأخذ بقدر حقه إن أمن أن ينسب إلى الخيانة وأن يترتب على ذلك ضرر، وهو ما يعرف عند العلماء بمسألة الظفر، والأصل فيها حديث هند بنت عتبة في الصحيحين: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها: خذي من ماله بالمعروف، ما يكفيك ويكفي بنيك.
أما الطريقة التي يأخذ بها هذا العامل حقه فغير جائزة لأنه بالمتاجرة بمال رب العمل يعرض ماله للخسارة، ثم إن الربح الذي يأخذه قد يكون أزيد من حقه، فيكون أخذ الزائد ظلماً.
ولتمام الفائدة راجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 18260، 32134، 33710، 28871.
والله أعلم.