الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
الجواب :فالآيات المشار إليها في سؤالك هي قوله تعالى :
أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَحْرُثُونَ (63) أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ (64) لَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَاهُ حُطَامًا فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ (65) إِنَّا لَمُغْرَمُونَ (66) بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ (67)
وتفسيرها كما ذكر الشوكاني في فتح القدير : { أَفَرَءيْتُم مَّا تَحْرُثُونَ } أي : أخبروني ما تحرثون من أرضكم ، فتطرحون فيه البذر { ءأَنتُمْ تَزْرَعُونَهُ } أي : تنبتونه وتجعلونه زرعاً ، فيكون فيه السنبل والحبّ { أَمْ نَحْنُ الزارعون } أي: المنبتون له الجاعلون له زرعاً لا أنتم .قال المبرد: يقال زرعه الله أي : أنماه ، فإذا أقررتم بهذا ، فكيف تنكرون البعث ؟
{ لَوْ نَشَاء لَجَعَلْنَاهُ حطاما } أي : لو نشاء لجعلنا ما تحرثون حطاماً ، أي : متحطماً متكسراً ، والحطام : الهشم الذي لا ينتفع به، ولا يحصل منه حبّ، ولا شيء مما يطلب من الحرث { فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ } أي : صرتم تعجبون. قال الفرّاء: تفكهون تتعجبون فيما نزل بكم في زرعكم . قال في الصحاح: وتفكه : تعجب، ويقال: تندّم .
قال الحسن وقتادة وغيرهما: معنى الآية: تعجبون من ذهابها وتندمون مما حلّ بكم . وقال عكرمة: تلاومون وتندمون على ما سلف منكم من معصية الله.
..{ إِنَّا لَمُغْرَمُونَ } قرأ الجمهور بهمزة واحدة على الخبر، وقرأ أبو بكر، والمفضل، وزرّ بن حبيش بهمزتين على الاستفهام، والجملة بتقدير القول أي: تقولون إنا لمغرمون، أي: ملزمون غرماً بما هلك من زرعنا، والمغرم: الذي ذهب ماله بغير عوض . وقيل المعنى : إنا لمعذبون ...والظاهر من السياق المعنى الأول ، أي: إنا لمغرمون بذهاب ما حرثناه ، ومصيره حطاماً، ثم أضربوا عن قولهم هذا ، وانتقلوا فقالوا : { بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ } أي: حرمنا رزقنا بهلاك زرعنا، والمحروم: الممنوع من الرزق الذي لا حظ له فيه، وهو المحارف. اهـ
والله أعلم.