الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن القوانين التي لا تصدر من الشريعة الإسلامية تختلف فبعضها يوافقها وبعضها يخالفها، فما كان من هذه القوانين مخالفا للشريعة لا يجوز للمسلم إقراره ولا تنفيذه ولا الإعانة عليه بوجه من الوجوه، وبهذا تعلم أن مقاضاة الشركات والمؤسسات وإخضاعها للقانون ينظر فيه إلى القانون نفسه وهل هو موافق للشريعة أو مخالف لها.
وأما بخصوص العمال الذين يعملون في الخمارات وهل يجوز إعانتهم على استيفاء أجورهم إذا منعتهم إياها الجهة التي يعملون عندها، فليعلم أن أجرة حمل الخمر لمن يشربها لا تطيب للعامل لأنها تقابل منفعة محرمة شرعا، كما لا ترد إلى المستأجر لأنه استوفى منفعته المحرمة، فلا يجمع له بين عوضه المحرم والأجرة.
ولو علم من حال العامل أنه يأخذ الأجرة من هذه الجهات ليتصدق بها لاتجه القول إلى مشروعية العمل في استنقاذ هذا المال لصرفه في وجهه الصحيح، أما والمحقق أن هؤلاء العمال يقاضون الخمارات ليأخذوا الأجرة المحرمة لأنفسهم فلا نرى جواز إعانتهم بتحرير شكوى يتوصل بها إلى أخذ تلك الأجرة، لما في ذلك من الإعانة على الإثم وأكل المال بالباطل.
وإذا كان السائل سيفصل من عمله لو رفض تحرير شكوى بهذا الخصوص ويخشى أن لا يجد عملا آخر وهو مضطر إلى الراتب الذي يجنيه من هذا العمل فلا بأس بالبقاء في عمله الحالي مع فعل ذلك إلى أن يجد بديلا لا تبعة فيه.
والله أعلم.