الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فيجب على الأب أن يعدل بين أولاده في العطية، وقد بينا في فتاوى سابقة أن سبيل ذلك عند جمع من العلماء هو أن يعطى الذكر مثل حظ الأنثيين كما في الميراث.
كما بينا أن تفضيل الأبناء بعضهم على بعض من غير مسوغ من حاجة أو عوز هو نوع من الظلم الذي يورث تنافرا في قلوب الإخوان ويذكي العداوات بينهم، والواجب على الوالد أن يحفظ الود في قلوب أبنائه فيما بينهم باجتناب ما يضاد ذلك، وأن كون الأب لا يعدل بين أولاده لا يسوغ هجره أو عقوقه فإن حقه أعظم من أن يسقط بسبب ذلك.
وإن خص الأب بعض أبنائه بعطية أو فاضل بينهم بدون داع إلى ذلك أثم ووجبت عليه التوبة بأحد أمرين، إما برد ما فضل به البعض وإما بإعطاء الآخر ما يتم نصيبه قاله ابن قدامة في المغني.
وراجعي الفتاوى التالية أرقامها: 6242، 14254، 8147، 3575، 4296، 1464، 4417.
وأما بخصوص ما فعله الأب من تمليكه الشقق الثلاثة لأبنائه الذكور فالأولى أن يرجع في ذلك ويترك الشقق حتى تورث عنه وله أن يمضي الهبة بشرط أن يعدل فيها بين أبنائه، فالواجب عليه حينئذ أن يملك للبنتين الشقة الباقية مناصفة بينهما أو أن يبيعها ويقسم ثمنها عليهما، وإن كانت إحداهما وهي المطلقة تحتاج إلى سكن فليسكنها معه حيثما سكن، وأما إذا كان هذا الإعطاء موقوفا على وفاة الوالد بحيث لا ينتفع به البنات إلا بعد وفاته فهذه وصية وليست عطية، والوصية لا تجوز للوارث كما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم حيث قال: إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث. رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه.
والله أعلم.