الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فكون الغسل ثلاثا في بعض أعضاء الوضوء هو من الأمور التعبدية التي لا يعقل معناها ولا مجال للعقل البشري في إدراك علتها، ونظير هذا تخصيص عدد ركعات الصلاة بعدد معين والهيئة الخاصة بكل ركعة ونحو ذلك، فالحكمة من هذا النوع من التكاليف هو الاختبار والابتلاء هل يستسلم العبد لأوامر الله تعالى ويمتثلها أم لا، ولا ينبغي الاسترسال في التساؤل عن مثل هذه الأمور بل الأولى توجيه السؤال إلى ماهو أكثر أهمية، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 20981، والفتوى رقم: 21525.
واليدان والرجلان في الوضوء مما يشرع غسله ثلاثا وليست مما يشرع فيه المسح، ومسح الرأس فرض من فرائض الوضوء، ويشرع مسحه مرة واحدة عند الجمهور خلافا للشافعية القائلين بمسحه ثلاثا، والحكمة من مسح الرأس هو التخفيف من المشقة الحاصلة بغسله عند كل وضوء. ففي أعلام الموقعين لابن القيم: ولما كان الرأس مجمع الحواس وأعلى البدن وأشرفه كان أحق بالنظافة، لكن لو شرع غسله في الوضوء لعظمت المشقة، واشتدت البلية، فشرع مسح جميعه، وأقامه مقام غسله تخفيفا ورحمة، كما أقام المسح على الخفين مقام غسل الرجلين. انتهى.
ومسح ظاهر الأذنين وباطنهما مستحب عند الجمهور ولا يطلب مسحهما ثلاثا، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 34870. ولعل الحكمة من مسحهما أيضا هي التخفيف مما قد يترتب على غسلهما من مشقة وضرر فالمسح عموما مبني على التخفيف.
والله أعلم.