الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإذا كان واقع الحال ما ذكر من أن كلا منهما مات عمن ذكر ولم يتركوا من الورثة غيرهم، وأنه لا يعلم موت السابق من اللاحق من الأم وابنها، فإن تركة الأم تقسم بين ورثتها ولا يحسب معهم الابن المتوفى معها، وتركة الابن تقسم بين ورثته ولا تحسب أمه من بين الورثة، وهذا على قول جمهور أهل العلم، قال صاحب الرحبية في الفرائض:
وإن يمت قوم بهدم أو غرق * أو حادث عم الجميع كالحرق
ولم يكن يعلم حال السابق * فلا تورث زاهقا من زاهق
وعدهم كأنهم أجانب * فهكذا القول السديد الصائب
فتقسم تركة المرأة بين أمها وأبيها وزوجها وبناتها الثلاث، فلأبيها السدس، ولأمها السدس، ولزوجها الربع، ولبناتها الثلاث الثلثين، ولا شيء لبنت الابن لاستغراق البنات الثلثين، والجدة لا شيء لها لأنها محجوبة بالأم، وأما أخوها الشقيق فهو محجوب عن الميراث بالأب حجب حرمان.
وأما وصية المرأة لأمها بثلث الأرض فهي وصية لا تصح لأن أمها من جملة الورثة، والوصية للوارث ممنوعة شرعا إلا إذا أجازها الورثة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: فلا وصية لوارث. رواه الترمذي.
ثم إننا ننبه السائل إلى أن أمر التركات أمر خطير جدا وشائك للغاية، وبالتالي، فلا يمكن الاكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها صاحبها طبقا لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، فقد يكون هناك وارث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا أو ديون أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي إذاً قسم التركة دون مراجعة للمحاكم الشرعية إذا كانت موجودة، تحقيقا لمصالح الأحياء والأموات.
والله أعلم