الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
يقول بعض أهل العلم من المعاصرين في جواب سؤال وجه له عن حكم التمثيل:
التمثيل فيه محذور جعل بعض العلماء يتوقف في جوازه، وهو أنه من قبيل الكذب، ولكن إجراء بعض المشاهد التعبيرية لإيصال فكرة ما إلى أذهان المشاهدين لا يدخل عندي في باب الكذب، بل هو من باب المحاكاة لتصوير قصة حصلت، أو تقريب فكرة معنوية بطريقة حسية، والمحاكاة من هذا الباب جائزة، بل قد فعلها النبي صلى الله عليه وسلم لتصوير أمر، أو قصة حصلت للسامعين له والناظرين إليه .
ففي صحيح البخاري عن عبد الله بن مسعود قال: كأني أنظر إلى النبي صلى الله عليه وسلم يحكي نبياً من الأنبياء ضربه قومه فأدموه، وهو يمسح الدم عن وجهه، ويقول : اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون. (4/214) .
وفي صحيح البخاري -أيضاً- عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم : قال كانت امرأة ترضع ابناً لها من بني إسرائيل، فمرًّ بها رجل راكب ذو شارة، فقالت: اللهم اجعل ابني مثله، فترك ثديها، وأقبل على الراكب، وقال : اللهم لا تجعلني مثله، ثم أقبل على ثديها يمصه، قال أبو هريرة: كأني أنظر إلى النبي صلى الله عليه وسلم يمص إصبعه. (4/202).
قال الحافظ ابن حجر في الفتح عند هذا الموضع كتاب أحاديث الأنبياء باب قول الله: واذكر في الكتاب مريم... {مريم : 16}. فيه المبالغة في إيضاح الخبر بتمثيله بالفعل. اهـ. هكذا قال، وكأنه يفتي جواباً على هذا السؤال.
ولكن لا ينبغي التساهل في هذا ليصبح التمثيل هدفاً بحد ذاته، أو لغرض المتعة واللعب فقط، فهذا لا يفعله المسلم .
والله أعلم .