الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن كنت تقصدين أن سؤال زوجك لك بعد أن أوقع الطلاق بفترة هل سمعت التطليق وإجابتك بنعم يحسب ذلك طلقة أخرى، فالجواب أن ذلك لا يحسب طلقة ثانية، لأن الظاهر من الحال قصد تأكيد الطلقة التي أوقعها، وإنما الطلقة الثانية تحسب بالتلفظ بها كالأولى، فإن كان قد تلفظ لك بطلقة ثانية فاعلمي أن من المتفق عليه بين أكثر أهل العلم من أئمة المذاهب الأربعة وغيرهم بدعية جمع الطلقات في مجلس واحد أو في طهر واحد أو في عدة واحدة لم يتخللها رجعة.. وكذلك من الطلاق البدعي عندهم أن يطلق الرجل زوجته في طهر جامعها فيه.. وعلى التقدير الثاني فما حصل من زوجك قد اجتمع فيه النوعان المنهي عنهما من الطلاق البدعي وهما جمع الطلقات وإيقاع ذلك في طهر جامع فيه، واختلف الفقهاء في وقوع الطلاق البدعي أو عدم وقوعه، والجمهور على وقوعه.
قال الشيخ سيد سابق في فقه السنة: أما الطلاق البدعي فهو الطلاق المخالف للمشروع، كأن يطلقها ثلاثاً بكلمة واحدة، أو يطلقها ثلاثا متفرقات في مجلس واحد، كأن يقول: أنت طالق، أنت طالق، أنت طالق. أو يطلقها في حيض أو نفاس، أو في طهر جامعها فيه، وأجمع العلماء على أن الطلاق البدعي حرام، وأن فاعله آثم، وذهب جمهور العلماء إلى أنه يقع، واستدلوا بالأدلة الآتية:
1- أن الطلاق البدعي مندرج تحت الآيات العامة.
2- تصريح ابن عمر رضي الله عنه، لما طلق امرأته وهي حائض وأمر الرسول الله صلى الله عليه وسلم بمراجعتها، بأنها حسبت تلك الطلقة.
وذهب بعض العلماء إلى أن الطلق البدعي لا يقع، ومنعوا اندراجه تحت العمومات، لأنه ليس من الطلاق الذي أذن الله به، بل هو من الطلاق الذي أمر الله بخلافه، فقال: فطلقوهن لعدتهن. وقال صلى الله عليه وسلم لابن عمر رضي الله عنه. مره فليراجعها. وصح أنه غضب عندما بلغه ذلك. وهو لا يغضب مما أحله الله. انتهى.
وعلى أي حال فالواجب على الزوج أن يستغفر الله ويتوب إليه من إقدامه على ما حرمه الله، وأن يتقي الله في تساهله بأمر النكاح الذي عظمه الله وسماه ميثاقاً غليظاً ثم هو يجري هذا الطلاق بهذه السهولة وربما بأتفه الأسباب ليعرض الأسرة للتفكك والدمار والخراب..
والذي ننصح به هو الرجوع إلى المحكمة الشرعية لديكم فهي التي تفصل في هذا الأمر لأن حكم القاضي يرفع الخلاف ولأنها أقدر على استبيان الأمر على حقيقته وصورته كما هي، ومعرفة هل سبق هذا الطلاق طلاق قبله أو لا فإن الأمر يختلف، وراجعي للفائدة الفتوى رقم: 109346، والفتوى رقم: 5584.
والله أعلم.