الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فأما تزويج الأب لها دون رضاها فقد اتفق الفقهاء على جوازه وصحته، وبناء عليه فلا اعتبار لرفضها ولا خيار لها قبل البلوغ، وأما بعده فقد جعل بعض أهل العلم لها الخيار بين الفسخ والإمضاء.
وان وقع عليها ضرر فلها المطالبة برفعه وإزالته عن طريق وليها أو بنفسها إن كانت مميزة، فالمميزة لها حق الترافع على الصحيح، فإن ثبت عند القاضي حصول الضرر حكم بإزالته ورفعه بما يناسب ذلك، وحكمه رافع للخلاف.
وأما طلبها للطلاق فإن كان لحصول الضرر فلا حرج فيه كالبالغة، وإن لم يكن لضرر فإن كانت غير مميزة فلا إثم عليها في ذلك لما ثبت في الشرع من عدم مؤاخذة الصبي حتى يبلغ، وكذلك إن كانت مميزة ولم تبلغ فإنه لا إثم عليها في قول جمهور أهل العلم، وفي رواية عن أحمد أن المميز مكلف، قال المردواي في الإنصاف ما مؤداه: وفي رواية عن أحمد أن المميز مكلف، وعلى هذه الرواية فإن المميز مؤاخذ، فإن كانت البنت مميزة وطلبت الطلاق لغير بأس فهي آثمة تخريجا على هذه الرواية، وعدم المؤخذه هو الأقوى والأرجح.
وأما بناء الزوج بالصغيرة قبل البلوغ فلا حرج فيه إن كانت مطيقة للوطء، قال عليش في فتاويه: إن كانت البنت غير مطيقة للوطء لزم زوجها إمهالها لإطاقتها.
والغالب حصول الإطاقة منها في سن التاسعة والعاشرة، وإن كانت البيئات والأماكن تؤثر في ذلك، كما قال الخطاب في مواهب الجليل.
وعلى فرض حصول الدخول بالزوجة المطيقه قبل البلوغ فإن ذلك لا يسقط حقها في الخيار لدى من أثبته لها. قال الزيلعي: وكذلك الجارية إذا دخل بها قبل البلوغ ثم بلغت لا يبطل خيارها ما لم تقل رضيت أو يوجد منها ما يدل على الرضا.
وللوقوف على تفصيل ذلك انظر الفتاوى التالية أرقامها: 11251، 5074، 28817، 50900، 195133.
والله أعلم.