الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد أحسنت أحسن الله إليك حين قلت إنك لا تريدين الدخول مع الله ورسوله في حرب أعلنها سبحانه وتعالى على المرابين حين قال: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَذَرُواْ مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ * فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله {البقرة:278-279}
فالربا أحد الموبقات السبع التي أمر النبي صلى الله عليه وسلم باجتنابها في قوله : اجتنبوا السبع الموبقات، قالوا: يا رسول الله وما هن، قال: الشرك بالله والسحر وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق وأكل الربا وأكل مال اليتيم والتولي يوم الزحف وقذف المحصنات المؤمنات الغافلات .. رواه البخاري ومسلم .
وبناء على ذلك لم يبحه العلماء إلا في حالات الاضطرار كالخوف على النفس من الهلاك أو لحصول مشقة كبيرة لا تحتمل.
وبما أن لديك وسيلة سكن بالإيجار فإنه لا يحل لك الاقتراض بالربا من أجل بناء سكن، ولتعويض ما بقي من ثمن البيت يمكن أن تبحثي عن طرق مقبولة شرعا للحصول على النقود كالسلم أو التورق المباح أو بيع المرابحة للآمر بالشراء أو القرض الحسن .
ولبيان هذه العقود تراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 2819، 11368، 5706، 1608 ، 10189 .
واعلمي أن من ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه فقد قال تعالى: وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا* وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ* وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا {الطلاق:2،3}.
وعليك أن توضحي لأمك أنك ما توقفت عن هذا القرض إلا لأن الله قد حرمه، وأنه لا يحل لك طاعتها في معصية الله لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، قال تعالى: وَإِن جَاهَدَاكَ عَلى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ {لقمان:15}.
وفي حال ما إذا كنت أخذت القرض بالفعل فعليك التوبة إلى الله وقضاء ما اقترضته دون زيادة إلا إذا أكرهت على تسديد الزيادة فإنك حينئذ تكونين معذورة، فقد قال تعالى: وَإِن تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لاَ تَظْلِمُونَ وَلاَ تُظْلَمُونَ {البقرة:279}
والله أعلم .