الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فاعلم أن العبادات مبناها على التوقيف، فلا يعبد الله إلا بما شرع، ولم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أحد من أصحابه، لا عثمان ولا غيره أنهم كانوا يقرؤون الفاتحة على روح الميت، ولو كان خيراً لسبقونا إليه، فالواجب ترك هذه المحدثات، والتقيد بما ورد في السنة من الدعاء لأهل القبور من المسلمين.
وإنما اختلف الفقهاء في حكم قراءة القرآن - بدون تخصيص الفاتحة – عند القبور ووقت الدفن أو بعده ؛ فمنهم من استحبه ومنهم من كرهه ومنهم من بدعه..
قال ابن تيمية في مجموع الفتاوى: وَأَمَّا الْقِرَاءَةُ عَلَى الْقَبْرِ فَكَرِهَهَا أَبُو حَنِيفَةَ وَمَالِكٌ وَأَحْمَد فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ. وَلَمْ يَكُنْ يَكْرَهُهَا فِي الْأُخْرَى. وَإِنَّمَا رَخَّصَ فِيهَا لِأَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ أَوْصَى أَنْ يُقْرَأَ عِنْدَ قَبْرِهِ بِفَوَاتِحِ الْبَقَرَةِ وَخَوَاتِيمِهَا، وَرُوِيَ عَنْ بَعْضِ الصَّحَابَةِ قِرَاءَةُ سُورَةِ الْبَقَرَةِ، فَالْقِرَاءَةُ عِنْدَ الدَّفْنِ مَأْثُورَةٌ فِي الْجُمْلَةِ، وَأَمَّا بَعْدَ ذَلِكَ فَلَمْ يُنْقَلْ فِيهِ أَثَرٌ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. اهـ.
وفي الفروع لابن مفلح: لَا تُكْرَهُ الْقِرَاءَةُ عَلَى الْقَبْرِ وَفِي الْمَقْبَرَةِ، نَصَّ عَلَيْهِ... وَعَنْهُ: لَا تُكْرَهُ وَقْتَ دَفْنِهِ، وَعَنْهُ: تُكْرَهُ...وَهُوَ قَوْلُ جُمْهُورِ السَّلَفِ، وَعَلَيْهَا قُدَمَاءُ أَصْحَابِهِ،..وَعَلَّلَهُ أَبُو الْوَفَاءِ وَأَبُو الْمَعَالِي بِأَنَّهَا مَدْفِنُ النَّجَاسَةِ، كَالْحَشِّ، قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: أَبُو حَفْصٍ يُغَلَّبُ الْحَظْرُ، كَذَا قَالَ، وَصَحَّ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ أَوْصَى إذَا دُفِنَ أَنْ يُقْرَأَ عِنْدَهُ بِفَاتِحَةِ الْبَقَرَةِ وَخَاتِمَتِهَا، فَلِهَذَا رَجَعَ أَحْمَدُ عَنْ الْكَرَاهَةِ. اهـ.
والله أعلم.