الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فنقول ابتداء: إنه لا إشكال بين النصوص الشرعية في مواعدة موسى عند الجبل ثم دك الجبل، فالله واعده أولا فجاء موسى إلى المواعدة، ولما سأل الرؤية دك الله الجبل، ولكن الإشكال واقع بين النصوص وبين كلام الناس حيث ذكروا أن الجبل باق إلى الآن، وذهب كثير من اهل العلم إلى أن المواعدة كانت عند جبل الطور، روي ذلك عن ابن عباس رضي الله عنهما وابن العالية كما نقله القرطبي والبغوي والألوسي وغيرهم، وروي عن بعضهم أن الطور يطلق على كل جبل، وقيل على كل جبل منبت، وقيل إن كلمة الطور كلمة سريانية ومعناها الجبل، وذهب بعض أهل العلم إلى أن الجبل الذي كلم الله موسى عنده اسمه زبير كأمير، وروي ذلك عن ابن عباس رضي الله عنهما وأنس بن مالك كما نقله البغوي والخازن وابن الجوزي، والمتيقن حصوله ما ثبت في القرآن من دك الجبل؛ لقوله تعالى: فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا {الأعراف: 143}، ومعنى دكا أنه صار مستويا مع وجه الأرض كما نقله ابن حجر عن أبي عبيدة.
فإذا كان الجبل المدكوك غير محدد أو كان زبيرا فلا إشكال في الموضوع، حيث إنهما جبلان مختلفان، وإذا كان الجبل هو الجبل المعروف بالطور أو بطور سيناء، وكان طور سيناء موجودا الآن قائما منتصبا، فإن الأمر لا يخلو من حالين: الأولى: أن الله أعاد الجبل مكانه بعد دكه، فقد ذكر بعض المعاصرين أن الطور دك حتى ساخ في الأرض ثم رفعه الله على بني إسرائيل بعد ذلك كما قال: وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ، ثم أعاده في محله.
الثانية: أن الناس مخطئون في القول ببقاء جبل الطور، فقد ذكر بعض الباحثين نقلا عن موقع الدكتور زغلول النجار أنه تم التوصل أن جبل الطور قد دك في الأرض مرة ثم رفع من الأرض مرة أخرى بعد ذلك فجعله الله معلقا بين السماء والأرض كأنه ظلة فوق بني إسرائيل، ثم رجع في مكانه بعد ذلك، والله أعلم بالحقيقة.
وعلى أية حال فالذي يتعلق به الإيمان هو ما ورد في النصوص المعصومة من دك الجبل وحصول المواعدة.
والله أعلم.