الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
أما بالنسبة لسؤالك فهو يدور حول أمور أولها: بر الوالدين وهذا أمر من أعظم الأمور بعد توحيد الله تعالى, ولكن لتعلم أن بر الوالدين يكون في غير معصية الله تعالى، أما إذا كان هذا البر يأتي بالعديد من المفاسد والوقوع في الذنوب والمعاصي فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، فإن كنت تخشى من الوقوع في المعصية فإن النكاح الثاني يكون في حقك واجبا، والواجب لا يطاع أحد في تركه، ولكن ينبغي لك أن توضح لوالديك ولأمك خاصة الأمر وخطر الوقوع في الفتن خاصة في هذا الزمن المليء بالفتن.
والزواج الثاني واجب في حقك إن خشيت الوقوع في الحرام، و الغرض من الزواج هو إعفاف النفس وكفها عما حرم الله تعالى، هذا مع حرصك على إرضاء الأم وبرها بما تستطيع دون هضم حق النفس.
ثانيها: حق زوجتك فإذا كانت زوجتك كما تقول فبارك الله فيها وقلّ أن تجد هذه الأيام من تراعي حق زوجها وتعترف له بحقه في زوجة ثانية, ولكن لا بد أن تعلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد حذر من هضم حق الزوجة، ففي سنن ابن ماجه ومسند أحمد عن أبي هريرة رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إني أحرج حق الضعيفين : اليتيم و المرأة. رواه الإمام أحمد في مسنده وابن ماجه في سننه.
وقال صلى الله عليه وسلم: من كانت له امرأتان فمال إلى إحداهما جاء يوم القيامة وشقه مائل. رواه أبو داود والدارمي.
فيجب عليك إذا قررت الزواج الثاني العدل بينهما، وقد اختلف أهل العلم فيما يجب فيه العدل، وتراجع الفتوى رقم: 49632.
ثالثا: أقول لوالديك ولإخوتك: إن العون على الطاعة من أفضل القربات، والإعانة على المعصية من أبغض الأمور إلى الله تعالى، فبرفضكم الزواج الثاني لأخيكم وابنكم تعينون الشيطان عليه وتفتحون له الطريق إلى معصية الله والوقوع في الفاحشة. فالأصل في الزواج إعفاف النفس والشعور بالانسجام والمودة وهذا لا يتأتى إلا بكف الفرج عن الفاحشة وإشباع الحاجة الفطرية في قضاء الشهوة, ومع الاعتراف بفضل الزوجة الحالية وحسن معاملتها لكم ولزوجها, ولكن الفارق الثقافي يحول دون الانسجام العقلي, وبرود شهوتها يحول دون إشباع شهوته, ويتبين من رسالته تقديره لها ولمحاولاتها الاستجابة لرغباته في تطوير نفسها, ونلمس صدق ابنكم في العزم على العدل بينهما, ولكن ينبغي أن يحسن الاختيار فلا يكتفي بالمستوى العقلي وإشباع الحاجة الفطرية, بل يكون أشد حريصا على الظفر بذات الدين التي تسعده وتبر أهله, وتعرف لزوجته الأولى التي وافقت على زواجه فضلها, بما يخفف من آثار الغيرة التي لا مفر منها. فدعوا ابنكم البار يفعل ما يحب لمرضاة الله أعاننا الله وإياكم على طاعته.
والله أعلم.