الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فبداية ننبه إلى خطورة تساهل الزوج في الطلاق والتفوه به لأتفه الأسباب وأقل خلاف فقد يؤدي ذلك إلى أن تحرم عليه زوجته وتبين منه، وقد عد بعض أهل العلم من موجبات الفراق بين الزوجين كثرة حلف الزوج بالطلاق ولهذا قال الناظم:
وكثرة الحلف بالطلاق * فسق وعيب موجب الفراق
إذ لا يؤمن بقاؤهما على غير زوجية، وعصمة النكاح آكد من التلاعب بها وتعريضها للهدم، وقد أمضى عمر بن الخطاب طلاق الثلاث في عهده تأديبا للناس لما تساهلوا في أمر الطلاق، فالحذر الحذر من ذلك.
وأما ما سألت عنه فلا بد من عرضه مباشرة على أهل العلم أو عرضه على القضاء لما فيه من تشعب وما يحتاجه من استفصال، ولكن من باب الفائدة نقول: إن جملة ما ذكرت مما كان بينك وبين زوجك ليس فيه طلاق صريح منجز غير الطلاق الأول قولك أنت طالق وهو لا يحسب إلا طلقة واحدة لأن الجملة تأكيد كما ذكرت.
وأما مسألة الطبيب وهي قولك إما أنا أو الطبيب فهذا من قبيل الكناية فإن كنت قصدت الطلاق فهو طلاق، وإن قصدت الزجر والتعنيف فلا يكون طلاقا، واليمين كفارتها كفارة يمين لوقوع الحنث فيها بذهابها إلى طبيب.
وكذلك مسألة العمل في المصنع مثل مسألة الطبيب تماما.
وعلى فرض أنك قصدت إيقاع الطلاق باختيارها للطبيب والعمل فتكون تلك ثلاث طلقات بالطلقة الأولى، وبهذا تحرم الزوجة وتبين، وإن لم يكن قصد الطلاق فلا تحسب طلاقا.
وكذلك مسألة أختها فما نطقت به لها هو من قبيل الكناية أيضا، ولكنها لم تخالفك كما ذكرت، وإن كنت قصدت الطلاق فلا ينبغي لها فعل ذلك، وإن فعلته طلقت منك، ومن الكناية أيضا ما ذكرته من الألفاظ كقولك لا تلزمين أو المرأة التي مثلك لا أريدها وهكذا، فما تيقنت من هذه الألفاظ أنك قصدت به وقوع الطلاق فهو طلاق، وكذلك إن غلب على ظنك ذلك، وأما مجرد الشك فلا يعتبر ويلغى ويبقى على الأصل وهو عدم قصد الطلاق، والغضب لا يمنع وقوع الطلاق ما لم يصل إلى درجة فقد الوعي والإدراك.
وعلى كل فلا بد من عرض هذه القضية على أهل العلم مباشرة أو على القضاء لمعرفة ما يلزم فيها وما يترتب على ما كان منك من أحكام شرعية. وللمزيد انظر الفتاوى ذات الأرقام التالية: 74558، 3174، 6146، 26937.
والله أعلم.