الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد اختلف أهل العلم في هذه المسألة بين مانع ومجيز، وسبب اختلافهم في الحكم هو اختلافهم في التكييف الفقهي لها، فمن رأى منعها كيفها على أنها تجمع بين بيع وصرف، ومن قال بجوازها كيفها على أنها أمانة أي أن المشتري يترك الباقي له من دراهمه أمانة عند البائع.
والراجح إن شاء الله هو القول بالجواز، لأن الصرف في مثل هذه الصفقة ليس مقصودا؛ فالحاصل أن المشتري لما لم يجد ما استقر في ذمته من ثمن السلعة متميزًا دفع إلى البائع المائة ليميز لكل منهما حقه، حق البائع الذي هو ثمن السلعة، وحق المشتري، وهو الباقي من المائة بعد ثمن السلعة، فلم يكن هناك صرف، ولا مبادلة، فيكون الباقي بيد البائع أمانة، ووديعة، قال الحجاوي في الإقناع: ولو اشترى فضة بدينار ونصف، ودفع إلى البائع دينارين ليأخذ قدر حقه منه، فأخذه، ولو بعد التفرق صح، والزائد أمانة في يده، ولو صارفه خمسة دراهم بنصف دينار، فأعطاه دينارًا صح، ويكون نصفه له، والباقي أمانة في يده ويتفرقان أي: يجوز لهما أن يتفرقا قبل تمييز النصف، ثم إن صارفه بعد ذلك للباقي له منه، أو اشترى به منه شيئًا، أو جعله سلمًا في شيء، أو وهبه إياه جاز. انتهى.
وجاء في المجموع شرح المهذب: فرع: قال الأصحاب إذا كان معه عشرة دراهم، ومع غيره دينار يساوي عشرين، فأراد صاحب العشرة شراء نصف الدينار جاز، ويقبضه كله ليكون نصفه قبضًا بالشراء، ونصفه وديعة، ثم يتفقان على كنزه، أو بيعه، وجائز أن يكون بعد القبض عند أيهما شاء.
وهذا أقرب إلى الصرف، مما ذكرته في السؤال، ومع ذلك فقد نص بعض أهل العلم على أنه لا ربا فيه مما يفيد بالأحرى جواز المسألة المطروحة.
والله أعلم.