الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن ما ذكرتيه أيتها السائلة من أنك قد قررت الزواج خوفا من الفتنة فهذا – إن شاء الله – قرار صائب من حيث الأصل، ولكن كان عليك مع ذلك أن تختاري الشخص الذي سيكون زوجا لك وستأمنينه على حياتك، وأن تسألي عنه وعن سيرته ديناً وخلقا، أما وقد كان ما كان وابتليت بمثل هذا الشخص الذي خدعك، وأخذ مالك، وكذب عليك، وزوّر في الأوراق الرسمية، وعرفت أيضا أن هذه عادته مع الناس، وأنه خلق متأصل فيه، فإنا ننصحك أن تحرري نفسك من هذه العلاقة وذلك بأن تطلبي الطلاق من هذا الرجل سواء أكان التطليق منه أم من المحكمة عن طريق رفع دعوى قضائية، وإعلام تلك الجهات بما كان منه من خيانة ومن تزوير في أوراق الزواج ونحوها، لأنه لا ينبغي لك البقاء مع شخص لا يخاف ربه ولا يراقب حدوده وليس أمينا على دينك ولا دنياك.
ونقل القرطبي في تفسيره عن ابن العربي رحمه الله أنه قال: ذكر الله الانتصار في البغي في معرض المدح، وذكر العفو عن الجرم في موضع آخر في معرض المدح، فاحتمل أن يكون أحدهما رافعا للآخر، واحتمل أن يكون ذلك راجعا إلى حالتين.
إحداهما: أن يكون الباغي معلنا بالفجور، وقحاً في الجمهور، مؤذيا للصغير والكبير، فيكون الانتقام منه أفضل.
الثانية:أن تكون الفلتة، أو يقع ذلك ممن يعترف بالزلة ويسأل المغفرة، فالعفو هاهنا أفضل، وفي مثله نزلت وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى.
أما ما تسألين عنه بخصوص صحة هذا الزواج فإنا نقول: إن العقد إذا وقع مستوفيا الأركان من إيجاب وقبول، والشروط من ولي وشهود وصداق (مهر )، وخلا من الموانع كالتأقيت وكون المرأة في عدة ونحو ذلك، فإن العقد صحيح، وما حدث من تزوير من جهة الزوج فهذا يتحمله هو وحسابه عند ربه، قال سبحانه: وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْمًا {طه:111}.
والله أعلم.