الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقول الرجل المذكور مخاطبا زوجته إذا طلعت البنت تكوني طالقا قد اشتمل على تعليق الطلاق على خروج تلك البنت فإن لم تخرج فلاشيء عليه، وإن خرجت فقد لزمه الطلاق.
جاء في التجريد لنفع العبيد للبجيرمي الشافعي: لو قال لزوجته: تكوني طالقا هل تطلق أو لا ؟ لاحتمال هذا اللفظ الحال والاستقبال، وهل هو صريح أو كناية، وإذا قلتم بعدم وقوعه في الحال فمتى يقع ؟ هل بمضي لحظة أو لا يقع أصلا ؟ ; لأن الوقت مبهم، والظاهر أن هذا اللفظ كناية، فإن أراد به وقوع الطلاق في الحال طلقت أو التعليق احتاج إلى ذكر المعلق عليه، وإلا فهو وعد لا يقع به شيء. سم ومحله إن لم يكن معلقا على شيء وإلا كقوله: إن دخلت الدار تكوني طالقا وقع عند وجود المعلق عليه. انتهى.
ومذهب الجمهور وقوع الطلاق المعلق إذا حصل المعلق عليه كما تقدم في الفتوى رقم: 19162.
وقوله: علي الحرام تلزم فيه كفارة يمين عند كثير من أهل العلم. ولا حرج في الأخذ بهذا القول تقليدا للقائلين به.
قال ابن قدامة في المغني: إذا قال لزوجته: أنت علي حرام. وأطلق، فهو ظهار. وقال الشافعي: لا شيء عليه. وله قول آخر: عليه كفارة يمين، وليس بيمين. وقال أبو حنيفة: هو يمين. وقد روي ذلك عن أبي بكر، وعمر بن الخطاب، وابن مسعود رضي الله عنهم. وقال سعيد: حدثنا خالد بن عبد الله، عن جويبر، عن الضحاك، أن أبا بكر، وعمر، وابن مسعود قالوا في الحرام: يمين. وبه قال ابن عباس، وسعيد بن المسيب، وسعيد بن جبير. وعن أحمد ما يدل على ذلك ; لأن الله تعالى قال: لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللهُ لَكَ، ثم قال: قَدْ فَرَضَ اللهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ. وقال ابن عباس: لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ ولأنه تحريم للحلال، أشبه تحريم الأمة. انتهى.
ويتلخص من هذا أن هذا الرجل عليه كفارة يمين لقوله علي الحرام على ما رجحه الشافعي وأصحابه، وقوله إذا خرجت... طلاق معلق إذا حصل حصل الطلاق من غير تفصيل عند جمهور العلماء خلافا لشيخ الإسلام ابن تيمية الذي لا يرى وقوع الطلاق إذا كان الرجل لم ينو وقوعه وإنما أراد المنع من الخروج.
ولا يمكن للرجل المذكور التراجع عن يمينه المعلقة ولا التحلل منها بعد التلفظ بها على مذهب جمهور أهل العلم خلافا لشيخ الإسلام ابن تيمية، وراجع الفتوى رقم: 1956.
والله أعلم.