الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن هذه المعاملة تسمى بالمضاربة أو القراض، وحكمها الجواز إذا توفرت شروطها، ومن شروطها أن يحدد الربح بجزء مشاع، فلا يجوز أن يشترط رب المال أو العامل لنفسه مبلغا محددا لاحتمال أن لا يربح المال إلا ذلك القدر فيخسر الآخر.
قال ابن المنذر: وأجمعوا على أن للعامل أن يشترط على رب المال ثلث الربح أو نصفه أو ما يجتمعان عليه بعد أن يكون ذلك معلوما جزءا من أجزاء، وأجمعوا على إبطال القراض الذي يشترط أحدهما أو كلاهما لنفسه دراهم معلومة.
وقال ابن قدامة: وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَجْعَلَ لَأَحَدٍ مِنْ الشُّرَكَاءِ فَضْلَ دَرَاهِمَ وَجُمْلَتُهُ أَنَّهُ مَتَى جَعَلَ نَصِيبَ أَحَدِ الشُّرَكَاءِ دَرَاهِمَ مَعْلُومَةً، أَوْ جَعَلَ مَعَ نَصِيبِهِ دَرَاهِمَ، مِثْلُ أَنْ يَشْتَرِطَ لِنَفْسِهِ جُزْءًا وَعَشْرَةَ دَرَاهِمَ، بَطَلَتْ الشَّرِكَةُ.
وبناء على هذا فإن المضاربة هنا فاسدة لاشتراطك عمولة تقتطع من حساب رب المال لحسابك، ولما فيها من معنى الجمع بين الجعالة والمضاربة (القراض).
والجمع بين المضاربة: القراض والجعالة في عقد لا يجوز. وراجع الفتوى رقم: 53070.
قال ميارة في شرحه على تحفة ابن عاصم
ثَمَانِيَةُ عُقُودٍ لَا يَجْتَمِعُ اثْنَانِ مِنْهَا فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ.
ونظم هذه العقود فقال:
عُقُودٌ مَنَعْنَا اثْنَيْنِ مِنْهَا بِعُقْدَةٍ لِكَوْنِ مَعَانِيهَا مَعًا تَتَفَرَّقُ
فَجُعْلٌ وَصَرْفٌ وَالْمُسَاقَاةُ شِرْكَةٌ نِكَاحٌ قِرَاضٌ قَرْضُ بَيْعٌ مُحَقَّقُ .
ولبيان ما يترتب على فساد المضاربة راجع الفتوى: 57853.
وفيها أنه يكون لرب المال الربح وعليه والخسارة وللعامل أجرة المثل، وعليه، فالمضاربة المذكورة فاسدة ولو افترض أن وجد فيها ربح فهو كله لصاحب المال والعامل له أجرة مثله ولا ضمان عليه إذا لم يكن قد حصل منه تقصير أو تفريط.
والله أعلم