الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
أولاً ما تعرضت له في حياتك الجامعية ليس مبرراً لتفقد ثقتك بنفسك، فإنه ينبغي للمؤمن أن يخرج من كل حادثة بما يفيده في دينه ودنياه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:..احْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُكَ وَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ وَلَا تَعْجَزْ صحيح مسلم.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: عجبًا لأمر المؤمن إن أمره كله خير وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سرّاء شكر فكان خيرًا له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرًا له. صحيح مسلم.
ومن صفات المؤمن التفاؤل وهو شعور يمنح الإنسان طاقة نفسية تجعله قادراً على مواجهة الصعاب والتغلب على المشكلات وهو ينبع من حسن ظنه بالله تعالى وثقته به وتوكله عليه.
- أما ما يتعلق بالخجل فإن كان ذلك في الحدود المشروعة، فقد يكون من الحياء وهو من شعب الإيمان ومن أخلاق المؤمنين، فعن ابن عمر رضي الله عنه: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَرَّ عَلَى رَجُلٍ مِنْ الْأَنْصَارِ وَهُوَ يَعِظُ أَخَاهُ فِي الْحَيَاءِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم دَعْهُ فَإِنَّ الْحَيَاءَ مِنْ الْإِيمَانِ. رواه البخاري ومسلم .
و عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: إِنَّ لِكُلِّ دِينٍ خُلُقًا وَخُلُقُ الْإِسْلَامِ الْحَيَاءُ. رواه ابن ماجة وحسنه الألباني في صحيح الجامع.
أما إذا كان ذلك الخجل يؤدي إلى التقصير في الواجبات والوقوع في المحظورات فإنه مذموم، ويجب عليك أن تتخلص منه بالاستعانة بالله عز وجل والتعود على مخالطة الناس في المعروف، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فإن الأخلاق تكتسب بالتعود والتمرين، فعن أبي الدرداء قال: العلم بالتعلم والحلم بالتحلم ومن يتحر الخير يعطه ومن يتوق الشر يوقه. رواه الخطيب في تاريخه، وحسنه الألباني في صحيح الجامع.
- أما خلوك من عمل تتكسب منه، فإن كان ذلك تكاسلاً أو أنفة من العمل، فهو أمر مذموم، وينبغي أن تبحث عن عمل مباح لتتكسب منه، فعَنْ الْمِقْدَامِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: مَا أَكَلَ أَحَدٌ طَعَامًا قَطُّ خَيْرًا مِنْ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ وَإِنَّ نَبِيَّ اللَّهِ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلَام كَانَ يَأْكُلُ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ. رواه البخاري.
- أما طلبك للعلم الشرعي فهو فضل من الله عز وجل عليك ونعمة عظيمة، فعليك أن تداوم على ذلك بشرط مراعاة الإخلاص لله تعالى في ذلك، وينبغي أن تعمل بما تعلم، وأن تحرص على نشر هذا العلم وتعليمه للناس على قدر ما تستطيع، وعندئذ فإن تفرغك لطلب العلم أمر محمود.
- وأما عزوفك عن الزواج مع القدرة عليه فهو أمر مخالف للسنة لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: النكاح من سنتي فمن لم يعمل بسنتي فليس مني وتزوجوا فإني مكاثر بكم الأمم، ومن كان ذا طول فلينكح، ومن لم يجد فعليه بالصيام فإن الصوم له وجاء. رواه ابن ماجة وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة.
وقال ابن قدامة: النكاح من سنن المرسلين وهو أفضل من التخلي منه لنفل العبادة .
فبادر إلى الزواج من ذات الدين التي تعينك على أمر دينك وأمر دنياك بعد أن تسأل عن دينها وخلقها وتتحرى في ذلك ما استطعت ثم تستخير الله وتتوكل عليه، واطرد عن نفسك وساوس الشيطان، ولا تتركه يخذلك ويوهن عزيمتك، واعلم أنك إن استعنت بربك كفاك كل ما تخشاه، قال تعالى: وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ فَهُوَ حَسْبُهُ{الطَّلاق:3}.
والله أعلم.